- جولة: تحتاجها في مضامين حياتك بعيداً عن المجاملات والدبلوماسية المفرطة التي تجعلك تعيش في دوامة لا تنتهي من التناقضات العجيبة، بل وتفضي بحياتك في إنهاكات نفسية بسبب حاجتك المستمرة لكي تتعامل مع سيل جارف من كلمات المجاملة والدبلوماسية.. هي جولة تضع من خلالها النقاط على الحروف، وتعطيك بعض المسالك المناسبة في طريق تحقيق أهدافك.. تحتاج أن تتجول في مضامين عملك في نطاق البقعة الإدارية التي تعمل بها من أجل أن تكتشف المزيد من صور الخبرة التي تصقل شخصيتك وتغير من أنماطك بصورة إيجابية.- لماذا ترى القذاة: أعجبتني تغريدة للشيخ سلمان العودة، يقول فيها: «في الأثر: «يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه». لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه، ولو كان كأقل ما يقع في العين من القذى، ويعمى عن عيب كبير ظاهر لا خفاء به في نفسه، ولو كان كجذع النخلة». فئة تعايشها تمارس هذا المسلك، ولعلها تكثر في محيط الأعمال، عندما تراها نفسها «من حكماء الزمان»، وتتربع على عرش «المثالية» في المقابل تراها تتكلم في أخطاء الآخرين، وتتفقد كل معايبهم..- تحطيم: يحرص البعض بهدف «مآرب نفسية معينة» على تحطيم نفسيات الموظفين ونفسيات كل من يجلس معه على طاولة العمل.. احذر من هذه النفوس فإنها تسعى لتحقيق مآربها الشخصية على حساب الآخرين، باتباع أساليب ملتوية واستفزازية.. - الشدائد: صدق الشاعر القائل: جزى الله الشدائد كل خير.. عرفت بها عدوي من صديقي.. فمع فتن الحياة.. يمحص فيها المولى الكريم النفوس ليكشف لك الصالح من الطالح، فتطفح على السطح مساوئ تلك النفوس التي جملت نفسها برتوش هامشية تسر الناظرين، ولكن في مجملها العام وما بداخلها خواء ما بعده خواء!! الشدائد تكشف لك حقيقة بعض النفوس التي تتعامل معها في دوامة الحياة، فتنبهك قبل أن تتفاقم الأمور وتتعاظم.. فتعطي معها كل ذي حق حقه، وتحترز من سمومها الفتاكة التي قد توقعك في المحظور.. - النمام: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام». هي صورة رديئة يمشي من خلالها صاحبها بالنميمة ليفسد العلاقات، فيتسبب في النزاعات والتخاصم ونشر العداوة والبغضاء.. فما أقبح تلك الصور التي يتمثل بها صاحبها عندما يمشي بالنميمة وينقل الكلام لهذا وذاك.. والأدهى من ذلك والأمر عندما تعايش تلك النفوس المريضة التي همها تقصي أخبار الناس ونقل قضاياهم ومشكلاتهم ومعايبهم للآخرين.. ففلتات لسانه لا تقف عند حد طيب الكلام، بل تراه يتتبع العورات ويتصيد المثالب ويجعلها حديث المجالس.. فلا يستر عيباً رآه، ولا يتغافل عن حكاية مؤلمة سمعها عن صاحبه، بل تراه يتكلم بها أمام مرأى الآخرين بسبب أو بدون سبب.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر أخاه المسلم في الدنيا، ستره الله عز وجل في الدنيا والآخرة..». - سعادة: تسكبها في نفسك وأن ترى أجيال المستقبل وهي تتراقص أمام فراشات الأمل والسعادة.. فعندما تقتنص فرص الفرحة والبهجة في احتفالات التخرج وما شابهها، فإنك تدرك بلا ريب أن هذه الأجيال متعطشة لمعاني الفرح.. فابتسامتها الجميلة وترانيمها الجذابة، وصورتها المتلألئة.. إنما هي من روائع الحياة التي لا تتكرر في كل زمان، وهي أكسير الحب وانتعاش النفوس للكبار، الذين يعشقون مثل هذه اللحظات.. فلعلهم افتقدوها يوماً في صغرهم، ولكنهم اليوم يتشربون معاني الحب بمعيتهم.. حفظهم المولى ورعاهم. - هل اتعظت؟ عندما تبتلى بأمر ما قد سبب لك الأرق النفسي، أو أقض مضجعك، فلا تقوى على تنفس الحياة بمنظورها السليم.. حينها هل اتعظت نفسك بما وقعت فيه، وقارنت حالك بما كان عليه من قبل وبما أصبت به؟ نفوسنا في مسيس الحاجة أن تتعظ كل يوم مع تجربة جديدة من تجارب الحياة، وبخاصة تلك المحن الشديدة التي نبتلى بها في محطات حياتنا.. فهي إشارات ربانية لمواطن الزلل الذي جعلتنا نحيد عن جادة الصواب.. لقد أصبت كبد الحقيقة عندما قررت أن تتغير بلا تردد.. لأنك عرفت طريقك بعد ذلك الابتلاء الشديد الذي أعطاك الله تعالى إياه درساً قاسياً في مسيرة حياتك.- رسالة: كتب إلي أحد رفاق الدرب هذه الرسالة الرقيقة، جمعتها في الكلمات التالية: رفيق دربي وأستاذي ومعلمي.. لقد جمعتنا ذكريات الحياة في أكثر من صعيد تنفسنا فيها معا عبق الحياة بمفهومها الذاتي، والذي آمنا به كمسلك تربوي أصيل تمسكنا به لفترات طويلة من الزمن.. لقد أيقنا بأن التربية الذاتية والتدريب والتحفيز والمبادرات.. إنما هي ينابيع للخير تنبع من «أصالة الذات» لا من الآخرين.. لذا فقد غرسنا في ذاتنا تلك الأجراس الذاتية التي تنبهنا كلما غفلنا، ونقرع ناقوس الخطر كلما فترنا أو حدنا عن أهدافنا الرائعة.. أستاذي.. لقد علمتني أن مدرسة الحياة إنما هي تجارب نصقل من خلالها شخصياتنا، ونتعلم فيها من معلمينا الكبار خصال الخير ننفض بها غبار الكسل والخمول.. علمتنا معاني الإيجابية والسعادة وإخلاص النيات والبصمات المؤثرة نبصمها في كل ميدان.. فلا يهمنا شكر كائن من كان أو تقدير البشر.. لأن التقدير الإلهي هو الميزان الحقيقي الذي نفزع من خلاله لمساعدة المحتاجين ونشر الخير.. علمتنا أن التحدي الحقيقي إنما هو بالمثابرة والعمل الجاد لصناعة الأثر الخالد وإسعاد النفس بفرحة الإنجاز التي نختم يومنا بها براحة عميقة في سجدات الليل ثم سكون النفوس وهي تتحفز ليوم جديد تتنفس فيه طاعة للرحمن.. علمتني الكثير.. وسأبثها مع نسائم كل يوم جديد.* ومضة أمل: عذراً لكل من صد عني أبواب الخير، وزعم أنني سأتراجع.. عذراً فخطوات الخير لن تنقطع حتى الرمق الأخير..