تقول المرويات التراثية الطريفة «إنه كان هنالك شخص من بغداد اسمه «حنون»، والذي اعتنق النصرانية. حيث كان يتظاهر دائماً بأنه من المخلصين لهذا الدين، وكان يحاول أن تكون له شخصية مميزة ودور فعال في المجتمع إلا أنه لم يكن بهذا الحجم الذي كان يتصوره، لأن الجميع يعرفه أنه كان منافقاً يبحث عن الشهرة والمكاسب الشخصية. وحين سماعه بالديانة الجديدة والرسالة المحمدية وظهور الدين الإسلامي وإقبال الناس على هذا الدين، ذهب إلى المسلمين واعتنق الإسلام لعله يجد ضالته التي يبحث عنها من خلال الشهرة والقيادة والكسب المادي، إلا أنه تفاجأ بأن المسلمين سواسية كعمار بن ياسر وبلال الحبشي وسلمان الفارسي ومن كان معهم من سادات قريش، وحينها لم يعيروا له أي أهمية، حتى غضب حنون مرة أخرى على المسلمين وعاد إلى الديانة النصرانية، حتى قال عنه أحد الشعراء بيتاً من الشعر صار مضرباً للأمثال: ما زاد حنون في الإسلام خردلةولا النصارى لهم شغل بحنونفي الوقت الذي يسعى الغرب والدول الكبرى إلى إغراء العقول الجبارة والمبدعة حول العالم من المخترعين والمكتشفين لأجل توطينهم وكسبهم الجنسية الخاصة بتلكم الدول لتطوير وتشجيع الحركة العلمية والمعرفية والفلسفية وغيرها من العلوم الأخرى في بلدانهم، وجدنا في المقابل أن بعض المذاهب الإسلامية والتيارات الدينية السياسية المعاصرة يتقاتلون فيما بينهم لإدخال المخالف لهم في المذهب والتوجه إلى حيث يكونون، فالسنة يرحبون بالشيعي المتسنن والشيعة ينتصرون لتشيع السني، حتى ولو كان المتسنن أو المتشيع في مقام «حنون» الذي لا يستطيع أن يزيد خردلة في واقع مذهبه الجديد، لأنه وبكل بساطة لا يستطيع تغيير الواقع الصلب لأنه جزء تافه فيما ذهب إليه، وهو مجرد خردلة لا تقدم ولا تؤخر، ومع ذلك فإن المتصارعين من أبناء الطوائف والمذاهب الإسلامية في عصر العلم والاكتشافات الهائلة يتلذذون وينتصرون لتغيير «حنون» مذهبه، وهذا يدل على أن المسلمين لم يدركوا بعد ما يجب عليهم فعله أو الافتخار به في هذا العصر المشحون بالإنجازات العلمية. فحين يكون»حنون» هو الفاصل بين موازين القوى المتصارعة فإن مسيرة هذه الأمة البائسة تتجه نحو الهاوية بكل تأكيد.لن يضيف الشيعي المتسنن للطائفة الكريمة السنية أي إضافة معتبرة، وكذلك لن يضيف السني المتشيع للطائفة الشيعية الكريمة أي إضافة معتبرة كذلك، وإنما هي أوهام الأرقام والطوائف التي عجز أصحابها عن كسب الكفاءات العلمية العالمية عبر العالم فقاموا يتفاخرون بأعدادهم المضحكة في مبارزة كوميدية أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها أتفه من «حنون».
Opinion
«حَنُّون»
04 نوفمبر 2016