تتناقل صحف وفضائيات ومواقع إعلامية أخباراً عن نشوب أزمة في العلاقات الخليجية المصرية، فما الذي يجري بالضبط وعلى ما يستند القائلون بوجود خلافات بين الطرفين الشقيقين والحليفين الاستراتيجيين؟يبدو أن القصة بدأت مع تصويت مندوب مصر في مجلس الأمن ضد إيقاف هجمات الطيران الروسي في سوريا، وهو موقف مخالف تماما للرؤية الخليجية تجاه القضية السورية، وقد أثار ذلك التصويت استغراب خليجي عبر عنه عدد من المسؤولين الخليجيين. ثم جاء الحديث عن طموح مصري في الحصول على حصص من النفط الروسي والغاز الإيراني كتفسير للموقف المصري إزاء العمليات العسكرية الروسية في سوريا.بعدها انتشرت صورة تجمع بين وزيري خارجية مصر وإيران فاجأت الطرف الخليجي، في ظل تحليلات وأخبار أخرى تتحدث عن «تقارب» مصري إيراني مقابل صفقات نفطية واقتصادية واصفة هذا التقارب بأنه سيكون على حساب دول الخليج العربي. ثم جاء خبر إيقاف شحنة شهر أكتوبر من النفط السعودي للقاهرة. ومؤخراً انتشر مقطع فيديو للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بدا فيه وكأنه يلمح إلى دولة خليجية واصفاً إياها بالتخلف وباستخدام العنف. تلك المؤشرات وغيرها يستند عليها القائلون بوجود أزمة في العلاقات الخليجية المصرية، ولا يزال الأمر يكتنفه الغموض ولا يمكن التأكيد الآن ما إذا كانت المسألة مجرد «أزمة صحافية»، حسب وصف مسؤول بالخارجية الكويتية والذي نفى وجود خلافات بين مصر والخليج، وشدد على استمرار الدعم الخليجي للاقتصاد المصري للحفاظ على أمنها واستقرارها، مؤكدا تصريحات للرئيس المصري خلال ندوة نظمتها إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة تفيد بأن قرار وقف مد البترول من السعودية لمصر خلال أكتوبر ليس مرتبطاً بقرار مصر في مجلس الأمن من القضية السورية، وتشدد على أن «لا أحد يستطيع أن يحدث وقيعة بين مصر وأشقائها في الخليج»، لكن الرئيس السيسي قال في الخطاب ذاته أيضاً أن مصر اتخذت البدائل لسد احتياجات الشحنة السعودية التي تم إيقافها. ما هي هذه البدائل؟ هل هي بدائل قادمة من طهران كما تنبأ بعض المحللين في الإعلام؟في السنوات القليلة الماضية عملت دول خليجية كل ما بوسعها لضمان استقرار مصر، وردت مصر على ذلك بدعم الخليج ضد مخططات إشعال الفوضى وضد التدخلات الخارجية في الشؤون الخليجية. اليوم بين التصريحات الدبلوماسية المطمئنة وبين التقارير الإعلامية المؤكدة لوجود خلافات خليجية مصرية، تكثر علامات الاستفهام والتعجب والترقب في وقت بالغ الحساسية تمر به المنطقة، لا تحتمل التباين في وجهات النظر بين الثقلين العربيين الأهم. ستزيل الأيام القادمة شيئا من الغموض عن مشهد العلاقات الخليجية المصرية وسيتبين ما إذا كانت حقيقة مُّرة أو مجرد فقاعات صحافية تنفخ فيها أطراف من مصلحتها الوقعية بين الخليج ومصر؟