ما ينبغي تعلمه في السياسة هو ما لا يجب أن تتعلمه الدول فيما يخص القيم النبيلة في علاقاتها مع الأعداء وحتى مع الحلفاء والأصدقاء، فالأخلاق تحتم على الإنسان أن يقيم علاقاته الإنسانية وفق معايير النبل والحق والخير والإيثار، أما في علاقات الدول فإن المعيار الطبيعي لبقائها واستمراريتها يقوم على المصالح المشتركة وأحياناً كثيرة تقام العلاقات وفق المصالح الخاصة.في هذا المسار الحتمي لبناء الدول ومنظوماتها تتداخل بعض القيم العالمية الخاصة بالمصالح وتطورها، ولعل من أبرز ما يمكن أن يقال في هذا المجال هو كيفية هندسة العلاقات والتحالفات الدولية بين المتحالفين، سواء كان التحالف سياسياً أو استراتيجياً أو اقتصادياً أو غيره، ولهذا يعرف قاموس العلوم السياسية الحلف «بأنه علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر يتعهد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب. وسياسة الأحلاف هي بديل لسياسة العزلة التي ترفض أية مسؤولية عن أمن الدول الأخرى، وهي تتميز كذلك عن سياسة الأمن الجماعي التي من حيث المبدأ، تعمم مبدأ التحالف، حتى تجعله عالمياً بحيث يردع العدوان ويتصدى له عند الضرورة».في هذا الإطار وفي ظل سياسة التحالفات الدولية تبرز عدة إشكالات وتساؤلات حول طبيعة التحالفات العربية العربية والعربية الأجنبية، إذ أوضحت الكثير من الأحداث والمواقف في الفترات الأخيرة التي عصفت بالأوضاع السياسية والعسكرية في المنطقة ضعف الكثير من تلكم التحالفات التي لم تثبت حتى الآن جديتها أو قدرتها على النهوض في وجه التحديات الحاصلة فضلاً عن التحديات القادمة، ولهذا وجب على الدول العربية عموماً والخليجية بوجه خاص مراجعة علاقاتها مع حلفائها عبر العالم، فالسياسة لا تعترف بالضعيف ولا «الخلوق» ولا تضع وزناً لحسن النوايا والكثير من العاطفة، وعليه يجب أن تعيد الدول العربية قاطبة صياغة حركة تحالفاتها بشكل عام لكي لا تسقط في فخ السذاجة في عصر التحالفات المبنية على المصالح الدائمة والقوية.علمتنا الأحداث الأخيرة في العالم عموماً والإقليم خصوصاً بأن هناك أخطاء مميتة ارتكبها العرب في علاقاتهم وتحالفاتهم التي لم تؤسس على أسس واشتراطات سياسية واستراتيجية ناجزة وناهضة، ولهذا بانت تصدعات التحالفات العربية مع أول اختبار حقيقي يمكن أن يقاس فيه الصديق من العدو في ظل أحداث مختبرية تمت معاينتها على أرض الواقع وسقوط غالبية الحلفاء الذين «سحبوا» على حلفائهم العرب في ذروة الأزمات، فحين يسقط الحليف تلو الحليف في المعارك السياسية والاستراتيجية مع الدول العربية والدول الخليجية خصوصاً ستكون مراجعة التحالفات ضرورة مهمة في وقتنا الحاضر، وليس ترفاً كما يتصوره البعض، فالتحالفات الحقيقية والقوية لا تنتج الخذلان حين تشتد الأزمات، أما ما يتعرض له العرب اليوم من انكسارات في «العظم» فإنه الخذلان بعينه، فهل آن أوان المصارحة مع أنفسنا قبل حلفائنا؟ أم سنظل نعلق مصيرنا في رقبة المجهول؟ والسؤال الأخير، متى سيصحو العرب؟
Opinion
«التحالفات العربية» وإعادة النظر فيها
05 نوفمبر 2016