في افتتاحية رائعة مليئة بعبق الهوية الكويتية تم افتتاح «دار الأوبرا الكويتية» -مركز جابر الأحمد الثقافي- بحضور أمير الكويت وكبار مسؤولي الدولة وعدد كبير من الضيوف الإقليميين، بينهم وزير الثقافة الأردني، ورئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، ووزير التراث والثقافة العماني، هيثم بن طارق آل سعيد، إضافة إلى سمو الشيخة موزة بنت ناصر والدة أمير دولة قطر الشقيقة.وتتألف دار الأوبرا الجديدة من ثلاثة مسارح، تتسع أكبرها لـ2000 شخص، وأوسطها لـ700 شخص، والأصغر لـ200 شخص. كما تضم أيضاً مركزاً للموسيقى وتضم مسرحين ومكتبة للمؤلفات الموسيقية للكبار والصغار. وتضم أيضاً قاعة للمؤتمرات وقاعة للسينما وقاعة للمحاضرات ومبنى للمكتبة والمستندات، إضافة إلى عدد كبير من المطاعم والحدائق والمرافق المختلفة. وشيدت دار الأوبرا على مساحة 214 ألف متر مربع، واتخذت مبانيها شكل الجواهر من الخارج. كما صممت من الداخل على الطراز الإسلامي.رغم روعة المكان، إلا أن ما لفت نظري بالفعل هو أن الهوية الكويتية كانت حاضرة في كل أروقة هذا المكان الرائع، فمجموعة الفقرات الاستعراضية التي قدمها نخبة من فناني الكويت قد أعادتنا إلى زمن الفن الجميل، الذي مازال يسكننا. فعقب مراسم الافتتاح الرسمي قدمت مجموعة من الفنانين والموسيقيين فقرات استعراضية وتمثيلية متنوعة، تعبر عن حضارة وثقافة الكويت، إيذاناً ببدء العمل في هذا الصرح، وقدم كبار نجوم الغناء بالكويت نوال وعبدالله الرويشد ونبيل شعيل أغنية وطنية مشتركة كانت هي الأبرز ضمن فقرات الافتتاح.إن اهتمام المنظمين بافتتاح دار الأوبرا الكويتية بأن يكون الفنان الكويتي حاضراً بقوة في هذا الافتتاح كان هو ما ميز هذه الفعالية الرائعة، فتذكرت لوهلة افتتاح المسرح الوطني البحريني، والذي غاب عنه الفنان البحريني، واستعيض بالنيابة عنه بفنانين عالميين، فعلى صعيد الحفلات الغنائية والموسيقى، استقبلت خشبة المسرح في افتتاحه فرقة أوركسترا القرن الروسي، أسطورة العزف «ياني»، وحفل مغني الأوبرا الإسباني بلاسيدو دومينغو، وعرض الباليه الروسي لفرقتي البولشوي والمارينسكي، وفرقة إلديفو. لا أقصد المقارنة، ولكن بعض المقارنات تفرض نفسها، فالهوية والثقافة البحرينية لم تكن لها فرصة في افتتاح المسرح الوطني بعكس ما حدث في افتتاح دار الأوبرا الكويتي، على الرغم من أن هناك إرثاً ثقافياً وفنياً بحرينياً لا يمكن تجاهله، وكان من الممكن البناء عليه كما حدث مع المقاطع الرائعة التي أداها كل من الفنانين المخضرمين عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج والمقطع الآخر للفنانتين المخضرمتين سعاد عبدالله وحياة الفهد. إن استنهاض الفن لا يكون إلا بالاهتمام بالسواعد المحلية وبإحياء الثقافة والهوية المحلية، ومازلت أسترجع بعض التصريحات الصحافية المنشورة التي ذكرها المثقف البحريني محمد بوعلي على هامش افتتاح المسرح الوطني، حيث قال إن «مسرح البحرين الوطني حلم لكل المثقفين البحرينيين، وجاء بعد كثير من الجهود، ومباركة من جلالة الملك، أخيراً سيكون هناك صرح للمسرح يضم الفنانين البحرينيين». وذكر أن «الفنانين البحرينيين حلموا بهذا المسرح منذ الثلاثينات، والآن تحقق الحلم».. فهل تحقق الحلم؟ نبارك لأشقائنا الكويتيين افتتاح دوار الأوبرا الكويتية، متمنين لهم الاستمرار في المحافظة على الهوية والثقافة المحلية.
Opinion
الهوية في دار الأوبرا الكويتية
06 نوفمبر 2016