انشغل الرأي العام في دول الخليج العربي قبل عدة أسابيع بقصة رجل الأعمال والمخرج الخليجي الذي تم القبض عليه بتهمة تهريب المخدرات وتصنيعها. المتهم كان قد ملأ وسائل التواصل الاجتماعي هو وزوجته «الموديل» بمشاهد المباهاة بالترف والثراء الفاحش بأسلوب كان يستفز الكثيرين وجلب عليه شماتة البعض.قد لا تكون قضية تجارة المخدرات هي مكمن الضجيج الاجتماعي للواقعة. فهي ليست الأولى في دول الخليج ولن تكون الأخيرة. ولكن الضجيج كان وظل إعلامياً لا غير. إذ يفسر بعض المتابعين أن تفاخر الزوجين عبر حساباتهما في وسائل التواصل الاجتماعي بالطيارات الخاصة والسيارات الفارهة وتبادلهما الهدايا النفيسة، وحديثهما عن المنتجعات والشركات والأراضي هو من «فتح عيون» رجال الأمن على مصدر الثروة مجهولة المصدر التي لا يجلبها الفن ولا تجارة مساحيق التجميل والأزياء. بينما يحيل بعض الدهاة الأمر إلى أن الأسلوب المستفز في التباهي والخوض في الجدل مع الآخرين الذي وقعت فيه الزوجة تحديداً هو ما أثار حفيظة بعض «زملاء تجارة المخدرات»، ليشوا بالمخرج الخليجي ويدبروا له كميناً محكماً مع الداخلية.إنها ظاهرة مقلقة ومزعجة في دول الخليج العربي تحديداً، ظاهرة الاستخدام غير الرشيد لوسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب يروج صورة غير واقعية للشخصية الخليجية التي بدأت تتذمر كثيراً من تلك الممارسات. رموز الظاهرة أغلبهم من الفنانين والآن انضم إليهم نجوم جدد، ليس لهم تعريف إلا نشاطهم الزائد في وسائل التواصل الاجتماعي. أغلب تلك الممارسات تتمثل في استعراضات الأزياء والأجسام، والخروج في مشاهد تهريجية غير متزنة لاستجلاب الضحكات والاستحسانات من المتابعين، وتصدير المشكلات الخاصة بين الأفراد إلى وسائل الإعلام وجر المتابعين لحلبة الصراع. ومن باب التناقضات أن يخرج لك بعضهم في هيئة الواعظ والمصلح للمجتمع، ثم يشتبك مع أحدهم بالألفاظ البذيئة والإهانات المتبادلة.ما يزعج حقاً هو السيطرة الواسعة لهذه الفئة المحدودة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشكيلها إيهاماً للمتلقين العرب أنهم يعكسون حياة الشعب الخليجي، فنشاطهم الإعلامي الزائد وتوازيه مع اتجاهات العديد من وسائل الإعلام الخليجية ومع الإنتاج الدرامي الخليجي، يصدر صورة استهلاكية وفوضوية للشخصية الخليجية. كل ذلك يحدث في ظل غياب شخصية المثقف الخليجي والمبدع الخليجي والطبقة الوسطى الخليجية من مختلف الفئات العاملة والحيوية التي تعمل وتتعلم وتنجز وتحاول التميز في الظل، بعيداً عن أضواء الإعلام التي صارت لا تعكس، في الغالب، إلا لمعان الزجاج المهشم الذي يروج لبريقه على أنه ألماس.