خسرنا أكثر من 70% من سمكنا بسبب صيد الربيان ومع ذلك مازلنا عاجزين عن اتخاذ قرار بحظر صيده وأكثر عجزاً عن تطبيق ذلك القرار، والسبب مافيا صغيرة العدد كبيرة التأثير.فوائد الحظر للصالح العام لا يختلف عليها اثنان، عودة للحياة السمكية، وانتعاش لمورد غذائي كبير، وعودة للأسعار إلى وضعها الطبيعي، وتلك فوائد عامة يستفيد منها الغالبية العظمى من المجتمع البحريني، إنما صيد الربيان له فوائد على مجموعة صغيرة من صياديه، وعلى صيادي السمك وبائعيه وسماسرته، لأن شح السمك يرفع الأسعار، وتدفع البحرين كلها بناسها وأهلها الثمن غالياً من أجل هذه المجموعة.صيد الربيان يتم عن طريق شباك تجرف كل ما يأتي في طريقها وكثير مما تجرفه هو صغار السمك وبيضه، وصائدو الربيان يأخذون الربيان من الشبك ويرمون كل ما جرفته شباكهم من غير الربيان على الساحل ويتم هدر مئات إن لم يكن آلاف الكيلوات يومياً، والإحصائية المعروفة أن لكل 5 كيلو ربيان تقتل 200 سمكة صغيرة، فتخيل كم السمك المهدور يومياً في مواسم صيد الربيان؟ أنت تتحدث عن أطنان ومئات الآلاف ترمى على الشاطئ. لذا حظرت الكثير من الدول صيده لسنوات طويلة كالإمارات بأمر من المرحوم الشيخ زايد حتى عادت للبحر حياته من جديد، وكذلك فعلت قطر، ثم سمحوا بصيده في مواسم محدودة جداً، لا العكس كما هو الحال عندنا يسمح به طوال السنة عدا موسم محدود يحظر فيه، وحتى الحظر لا يطبق بشكل تام لعدم وجود التدابير الكافية لتطبيقه، فتجده في السوق وقت الحظر، ويصدر وقت الحظر، وقلة محدودة من يقبض عليها ويشغلون خفر السواحل بملاحقتهم، في حين أن تطبيق الحظر يحتاج لمفتشين بحريين يملكون سلطة الضبط القضائي متفرغين لهذه المهمة. قلة هي المستفيدة من صيده، وبعض هذه القلة تصيده بكميات كبيرة وبسفن كبيرة للتصدير مما يزيد من حجم الضرر وحجم الهدر في الثروة السمكية، ومن أجل هذه المجموعات الصغيرة تدفع البحرين كلها الثمن.إن كنا نتحدث عن دولة القانون ودولة المؤسسات ونتحدث عن محاربة ومكافحة الفساد فلا أكثر من المورد الغذائي الأمثل والأرخص والأكثر استهلاكاً كميدان لدولة القانون وامتحان لمصداقيتها، لتثبت الدولة لنا أنها جادة في تأمين الغذاء للمواطن البحريني وجادة في معالجة التضخم في أسعار أحد أهم مصادر الأمن الغذائي، وجادة في مواجهة «هوامير» هذا السوق، خاصة أن كلفة تطبيق هذا القانون وتدابيره لا تذكر قياساً بالفوائد التي ستعود على غالبية المجتمع البحريني.