اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على اعتماد إطار موحد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% لتعزيز استدامة التدفقات المالية للحكومات، ومن المتوقع أن تطبق الضريبة في الأول من يناير من العام 2018 أو 2019 كحد أقصى. ولا بد من التطرق للأسباب التي أدت لفرض هذه الضريبة، والإجراءات الضريبية المستقبلية لدول الخليج، التي يأتي في مقدمة أسبابها هبوط أسعار النفط مؤخراً من سعر 110 دولارات إلى 50 دولاراً، مما ترك الأثر على الميزانية المرتبطة بها خاصة وأن الحكومات تستمد معظم عائداتها من قطاع النفط والغاز، لأسباب تعود لعدم تنوع الدخل، حيث نصيب عائدات الحكومات ما بين 60 إلى 80% من موازنتها، مما ترتب عليه زيادة التكهنات بالتوجه إلى تنويع الدخل والتي من ضمنها الإصلاح الضريبي. علاوة على ذلك، الاتجاه المتزايد نحو تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة أو الثنائية والتي بدورها أدت إلى انخفاض القيمة الجمركية لدى الدول ومن ضمنها دول الخليج العربي خاصة تلك الدول التي قامت بإبرام اتفاقات عدم الازدواج الضريبي في الوقت الذي فيه الميزان التجاري غير متكافئ أي الصادرات أقل بكثير من الواردات! جاهزية البنية التحتية من المتوقع أن يتم احتساب ضريبة القيمة المضافة بشكل غير تراكمي، أي مرة واحدة، وألا تمس التعليم والصحة والمواد الأساسية، ولكن يبقى التحدي في معرفة المواد الأساسية لدى كل دولة خليجية، ولضمان سلاسة عملية الاحتساب بشكل لا يؤثر على الجهات المستهدفة، من المفترض أن يسبق تطبيق ضريبة القيمة المضافة عدة إجراءات تمهيدية تسهم في بناء بنية تحتية قادرة على استيعاب هذا التحول النوعي على مستوى البحرين والخليج العربي، ببناء نظام كفء عالمياً لإدارة الضرائب، وتحديد السلع المحتسب عليها القيمة المضافة، ووضع المعايير المحاسبية لنجاح تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ووجود إدارة منفردة تقوم بتحصيل الضرائب بنظام رقمي متطور، وتجنب الازدواج الضريبي مع دول المجلس. الشفافية وروح المبادرة إن عدم وضوح القوانين والضوابط الضريبية لدى المكلفين سينعكس سلباً على إجراءات التحاسب الضريبي، وبالتالي تفقد الضريبة ركناً أساسياً من أركانها وهو العدالة الضريبية، لأن ذلك سيكون سبباً في ممارسة عمليات الفساد الإداري والمالي. لذلك من المهم أن يتم الإفصاح مبكراً عن التحديات التي يمكن أن يواجهها القطاع التجاري، مثل مدى جاهزية الشركات والمصانع للحساب الآلي لاحتساب الضريبة، ومدى جاهزية البقالات والمحلات، ومدى مواءمة الاحتساب الآلي لوزارة التجارة، ومدى فهم واتباع النظام الضريبي بالشكل الصحيح، وضمان وجود الوثائق اللازمة لإثبات المعلومات المدونة في الإقرارات الضريبية، وتحديد فترة السماح والعقوبات. إن الشفافية العالية مطلوبة لتجاوز كل تلك التساؤلات والمخاوف، فثقافة الضريبة على البحرين ودول المجلس مستحدثة، وتستوجب روح المبادرة الإجابة على كل تلك التساؤلات من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية لتنوير المجتمع والقطاع التجاري.إلى من يهمه الأمر إذا ما أردنا أغلاق أبواب الروتين وتعزيز الرقابة الإدارية وكفاءتها من خلال الدقة والوضوح في الإيرادات والممارسات الإدارية المعمول بها وترسيخ قيم التعاون وتضافر الجهود ووضوح النتائج ومنع الممارسات الإدارية الخاطئة وتعزيز دور الرقابة، لا بد من الشفافية بتحديد المواد والمؤسسات المستثناة من الضرائب، وتحديد المعيار الواضح في تطبيق القوانين وفترة السماح التي ستحدد للمصانع والشركات والمحلات التجارية مهلة تصحيح أوضاعها، وقياس مدى مواءمة التشريعات الوطنية مع نظام فرض ضريبة القيمة المضافة، لنتجنب هدر المال العام والثروات الوطنية وهروب رؤوس الأموال والاستثمارات وانعدام المساواة في توزيع الموارد الاقتصادية.