كثر الحديث في الأيام القليلة الماضية عن الأوضاع الصحية في السجون، واهتم البعض بترويج مزاعم من خلال رسالة ملخصها أن «النظام يحاول من خلال إهمال تردي الأوضاع الصحيّة في السجون وعدم السماح للمعتقلين المرضى بتلقي العلاج التنكيل بهم وكسر صمودهم ومقاومتهم». أما الفضائيات «السوسة» فخصصت بعض برامجها للترويج لهذه المزاعم من خلال الرسالة واعتبار ما تم تناقله من كلام حقيقة لا تقبل التكذيب، وكان ذلك فرصة لهم للقول إن «وزارة الصحة في جانب وصحة المواطنين في جانب آخر وإن الوزارة ليس بيدها شيء طالما أن الأمر يتعلق بالسجناء»، وغير هذا من كلام ناقص القيمة بل معدومها.لا معلومات بين يدي عن الأوضاع الصحية للسجناء ولكنني أستطيع أن أجزم بأن جانباً كبيراً من الكلام الذي انتشر أو كله غير صحيح أو تنقصه الدقة، فطالما أن تلك الفضائيات «السوسة» وتلك المواقع الإلكترونية التابعة لها وتلك الحسابات المنتشرة بسخاء في وسائل التواصل الاجتماعي قد ركزت على هذا الموضوع وسعت إلى إقناع العالم بأن ما يقوم البعض بترويجه صحيح ودقيق فإن هذا يعني أن في المسألة «إن» وإنه غير دقيق، فما حدث في السنوات الخمس الماضيات تعلمنا منه الكثير وصار سهلاً القول إن مراداً ما يسعى ذلك البعض إلى تحقيقه عبر الترويج لهذه الرسالة في هذه الفترة على وجه الخصوص، ذلك أنه من غير المعقول أن يترك السجناء يعانون من الأمراض من غير أن يتم علاجهم، فهذه الأمور عدا أنها إنسانية فإن القوانين تنظمها والمنظمات العالمية ذات العلاقة تفرضها على الحكومات في كل مكان، وعدم الالتزام بها يعني التجاوز على حقوق الإنسان، وهذا ما يصعب تصديقه.في مثل هذا الظرف الذي نعيشه اليوم يمكن القول إن موضوعاً كهذا يسهل استغلاله للإساءة إلى البحرين، ومن السهل تضخيمه، والدليل أن الخبر الذي انتشر اعتمد على «مخاوف» لدى بعض السجناء وأقوال تم تناقلها، وهو ما لا يعتد به، كما إن تخصيص مستشفى معين كما قيل لعلاج من يحتاج إلى العلاج من السجناء أو الموقوفين لا يعني أبداً أنهم سيعانون لأن هذا المستشفى مستشفى أيضاً، ما يعني أن الأمر لا يعدو تنظيم عملية العلاج.لا يمكن أيضاً تصديق الادعاءات من قبيل أن الأدوية التي يهتم ذوو السجناء بتوفيرها لهم لسبب أو لآخر يتم الاستحواذ عليها من قبل العاملين في السجون أو تقاسمها مع أصحابها، وهو ما ركزت عليه فضائية «العالم» الإيرانية في إحدى حلقاتها ودفعت ضيوفها «البحرينيين» إلى ترديده بصيغة التأكيد، فمثل هذا السلوك اللاإنساني غير وارد منطقاً، وإن وجد فإنه لا يعدو سلوكاً فرديا يحاسب عليه من يتورط في القيام به من قبل المسؤولين بوزارة الداخلية الذين يحكمهم القانون وهم محاسبون أيضاً من القيادة.لعل من المناسب ونحن نناقش موضوع الخدمات الصحية الخاصة بالسجناء والموقوفين أن نتساءل عن الأمر نفسه فيما يخص السجناء والموقوفين في إيران التي اعتبر إعلامها ما وصله من قبل ذلك البعض حقيقة وفرصة لتشويه سمعة البحرين، ترى هل يتم تحويل المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة هناك إلى المستشفيات؟ وهل يتم تطبيق القوانين الدولية عليهم؟ هل يلتزم السجانون والمسؤولون الإيرانيون بما قد يكونوا وقعوا عليه من معاهدات في هذا الخصوص؟من يتابع ما ينشره المتضررون الإيرانيون من حكومة الملالي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل إعلامية يتبين له كيف هو تعاملها مع السجناء والموقوفين وكيف هو تعاملها مع كل من لا يوافقها على سياستها ولا يؤمن بتوجهاتها، ولولا الخشية من الوقوع في المبالغة لقيل إن علاج السجناء المرضى هناك يتم بإعدامهم.