لقد أصبح هاجس الأمن هو الغالب خليجياً، وخاصة مع ارتباطه بعوامل وعناصر كثيرة، كالعامل الأمني، والعسكري، والاقتصادي، والتعليمي، والصحي، والتنموي، بشكل عام. وأنه بحكم الخطر المحدق على الأراضي والثروات الطبيعية العربية، كان من الضروري وضع حد إلى ما تؤول إليه أجندة مناقشة ملف الاتحاد الخليجي. فمن ناحية قد يكون حلماً غير محقق وخاصة مع وجود القاعدة العريضة المعروفة التي تؤكد على أن «العرب قد اتفقوا على ألا يتفقوا»، وأن هناك من سيلقي الأشواك في طريق المشروع قبل الوصول إلى خط النهاية لعرقلته، وقد يكون حقيقة ترسم الطريق لتوجيه مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى إنشاء ذلك الكيان بكل قوة وصمود ليشكل جبهة قوية ضد الأطماع الخارجية.إن فرص نجاح الاتحاد الخليجي ستكون أكبر من أي اتحاد آخر، وذلك لوحدة اللغة العربية والدين الإسلامي، فضلاً على وحدة العادات والتقاليد، والبنية الاجتماعية الواحدة، والمستوى الاقتصادي المتقارب، والعقائد الأيديولوجية المتطابقة، بالإضافة إلى وجود الجيش المشترك. بخلاف الاتحاد الأوروبي -على سبيل المثال- الذي يتضمن 23 لغة رسمية تتحدث بها شعوبه فضلاً عن الاختلاف الثقافي الصارخ الذي لم يجعله عائقاً أمامه في تحقيق مصلحته القومية بالاندماج، بل كان ذلك دافعاً له بإنشاء سوق واحدة، وعملة واحدة، وسياسة زراعية واحدة، ومحكمة واحدة لحقوق الإنسان!وفي هذا المحفل، أود أن أشيد بالجهود الجبارة لـ»تجمع الوحدة الوطنية» من أجل نهضة الوطن، والذي لطالما عمل ممثلوه بجد من أجل تقديم الإجابات الوافية لتوضيح الموضوعات السياسية ومواكبتها بما يخدم مصلحة الوطن، فضلاً عن بناء القدرات السياسية البناءة كأحد أهداف التجمع السامية التي تسعى من خلاله إلى المحافظة على وحدة الوطن أرضاً وشعباً، وصيانة استقلاله وسيادته، وانتمائه العربي الإسلامي، إلى جانب ترسيخ الهوية العربية الإسلامية، والمحافظة عليها من الطمس والتشويه، والدفاع عنها في مواجهة كل أشكال الغزو السياسي والثقافي والفكري. فقد نظم التجمع مؤخراً ورشة مهمة ومميزة في الوقت الحالي، تتمحور حول موضوع «دور الشباب في تعزيز الاتحاد الخليجي»، بما يواكب التطور السياسي حول هذا الملف ليجذب كافة أطراف المجتمع لمناقشة هذا الموضوع القيم. آن الأوان فعلاً لحسم موضوع الاتحاد الخليجي في هذا الوقت الراهن الذي أُومن بأنه سيتفوق فيه -إذا أُنشئ- على نظيره الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد انسحاب بريطانيا العظمى منه، بما ينعكس سلباً على قوة وتماسك الاتحاد الأوروبي، ورجوعه خمس خطوات إلى الخلف بعد أن كان مثالاً للتضامن الأوروبي المشترك في العالم!إعلان تكتل الاتحاد الخليجي سيشكل استجابة سريعة للتحديات التي تواجهها المنطقة العربية، وذلك باعتبار أن وحدة الأمن والمصير تتطلب وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ من خلال إنعاش روح التضامن المشترك ما بين دول مجلس التعاون أمنياً وعسكرياً وبشرياً واقتصادياً.