اقتصاد المشاركة «sharing economy» والذي يتميز بالخدمات تحت الطلب «on-demand services»، لم يكن قد اُستحدث قبل بضع سنين. أما الآن، فقد تمكن هذا النوع الجديد من الخدمات خلال سنوات معدودة من المرور خلال مراحل التطور التي أخذت كبرى الشركات عقود طويلة لتخطيها، فالشركات مثل أوبر «Uber» وأير بي أن بي «Airbnb»، والتي تقدر قيمتهم بمليارات الدولارات، هي في الحقيقة شركات لا تمتلك أي من السيارات أو الغرف الفندقية. الخدمات تحت الطلب هي خدمات ذكية يَطلب فيها الزبون تحقيقها خلال فترة زمنية قصيرة، وتكون في الغالب مرتبطة بتطبيق على الهواتف الذكية، وتقوم هذه التطبيقات بالربط بين طلب الزبون وموفر الخدمة والذين يكونون في العادة أشخاص لديهم السلعة أو يقدرون على توفير الخدمة المطلوبة، سواء كانت نقل زبون من مكان إلى آخر بسيارته الخاصة، أو تأجير في منزله الخاص.عندما تشارك في هذا النوع من الخدمات تصبح أحد الأفراد المسجلين في قواعد بيانات هذه التطبيقات الذكية، ومما يميز العمل في هذا القطاع هو سهولة الانتساب إليه ومرونة ساعات العمل. ولكن على الرغم من هذه الامتيازات، يتطلب النجاح في هذا النوع من الاقتصاد مجموعة خاصة من المهارات، فبالإضافة إلى تمتع العاملين بقدر عال من مهارات الاتصال واستخدام التكنولوجيا، يتسم العاملين بقدرتهم على التحفيز الذاتي، كون الشخص يتحكم في كثرة أو قلة ساعات عمله بنفسه. وكما يتطلب إلمام العامل بمبادئ إدارة الوقت والعمل واحتساب الكلفة، كما يترتب على هذا النوع من العمل قدرة العاملين على التعامل مع الزبائن بوضوح تام وسرعة كبيرة واحترافية عالية. فعند طلب الخدمة يحرص الزبون دائما على اختيار العامل ذو التقييم الأفضل ويتجنب العاملين ذوي التقييمات السلبية، لذا يرتبط نجاح العاملين بهذا القطاع على التقييم المباشر للزبائن، فبعد نهاية الخدمة يحق للزبون تقييم الخدمة وإضافة تعليق عن مستوى العامل، وقد يكون ذلك التقييم سبباً في استمرار العامل في العمل أو دون ذلك.بالرغم من كون الزبائن وتوفر العاملين في هذا النموذج المرن من الأعمال هما اللذان يدفعان بالنجاح لهذا القطاع، إلا أن نجاح هذه التطبيقات وغيرها من التطبيقات المستحدثة تتطلب تجديداً لنظرة المجتمع والاقتصاد نحو هذه الأعمال، وقد يتطلب ذلك تحديثاً لنموذج العمل والتمويل المصرفي والتشريعات القانونية والتجارية والمالية والبرامج التدريبية والتعليمية لتحاكي متطلبات هذا القطاع ولتكون أكثر مرونة لتواكب التغيرات المطردة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. * باحث في مجالات إنترنت المستقبل – جامعة البحرين