تفضل حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، حفظه الله ورعاه، بتدشين المشاريع الجديدة الخاصة بتطوير تلفزيون البحرين ومركز الأخبار ومركز الاتصال الوطني، مما له من دلالات ومقاصد كثيرة حيث إن في عصرنا الحاضر أصبح للإعلام دور كبير وأبعاد كبيرة خاصة أن الرسالة الإعلامية هي التي تحافظ على ثقافة وهوية المجتمع، وإننا في عصر يشهد تطوراً تكنولوجياً متميزاً في وسائل الإعلام، من خلال ظهور تقنيات ووسائل إعلامية جديدة، بحيث لم يعد التلفاز أو الراديو هما المصدران الأوحدان والأساسيان للإعلام، فقد ظهرت المصادر الإعلامية الإلكترونية واستخدام الإنترنت، بالإضافة لوسائل التواصل الاجتماعي من «فيس بوك» و«يوتيوب» و«تويتر» وغيرها، والتي أصبح لها تأثير هام وفعال داخل المجتمعات المعاصرة، وهي التي جعلت من عالمنا قرية واحدة، والمهمة الرئيسة للإعلام ليست هي في عرض المشكلات وحلها فهذه مهمة تقليدية عفا عليها الزمن، بينما مهمة الرسالة الإعلامية اليوم تسليط الضوء على كل المتغيرات والظواهر التي تحدث في المجتمع من إنجازات وحراك اجتماعي، وأن تتميز الرسالة الإعلامية بالشفافية والصراحة والمصداقية والموضوعية في طرح الموضوعات، ولقد أعطتنا الأحداث والمنعطفات التي مرت بها البحرين كثيراً من الدروس المستفادة عن أهمية الإعلام، ولذلك يقول صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر حفظه الله: «إن تحديات المرحلة الراهنة تتطلب إعلاماً يمتلك زمام المبادرة والمقدرة على التطور المستمر للارتقاء بمضامين الرسالة الإعلامية». ولعل الأحداث التي مرت بها البحرين منذ 2014 - 2011، هي أوضح تجربة في هذا المجال، حيث استخدم الانقلابيون ومن ناصرهم كل أسلحتهم، بما فيها الحرب الإعلامية داخلياً وخارجياً، ولنقر بأننا في ذلك الوقت لم تكن الرسالة الإعلامية لها خبراتها في هذا المجال، وأقصد بذلك وقت الأزمات، ففي ذلك الوقت كان فيه الانقلابيون يملكون خطة إعلامية لهذه المؤامرة وساندتهم في ذلك قنوات تلفزيونية وصحف وإذاعات ومواقع إلكترونية قادرة على صياغة الرسالة الإعلامية بطريقة ظاهرها حق وباطنها باطل، ولكنهم لم ينالوا من البحرين شيئاً. لذا يستطيع الإعلام أن يقلب المعادلة في المجتمع إذا أجاد صنع الرسالة الإعلامية حيث غدا الإعلام في عصرنا الحاضر صناعة متخصصة تحتاج إلى الكوادر التي لها خبرة في هذا المجال. والإنسان البحريني يفرح عندما يتم تطوير مثل هذا القطاع ولكن تكتمل الفرحة عندما يتم تطوير مضمون عمل الرسالة الإعلامية، حيث ظل دور التلفزيون والإذاعة منحصراً في نقل المادة الإعلامية ولكن ليس هناك تحليل للخبر وإعطاء استنتاجات للمتلقي، كما أن التلفزيون ظل لمدة طويلة لا يصنع المادة الإعلامية، إنما يقتصر على إعادة ما تم تقديمه وهي بيت القصيد. وكذلك كانت الرسالة الإعلامية مقصرة في دورها فجعلت من العادات والتقاليد الهابطة قيماً عليا في المجتمع، والعكس صحيح من خلال المسلسلات التي تصنف على أنها تراثية، أما الجوانب التي تفخر بها ثقافتنا فأخذت تقصى من وسائل الإعلام وأصبح يسيطر على المادة الإعلامية التي تقدم للمشاهد كوميديا المواقف الهزلية وبرامج العنف والمغامرة، وهذه برامج أغلبها سطحية ولا تتناول قضايا جادة في المجتمع للجمهور، وذلك يندرج حتى على المواد التي تقدم للطفل، مما يتسبب في تعرض الأطفال للإصابة باضطرابات نفسية منها الخوف والقلق وغيرها.ومن المهم أن نعلم أن في القرون الماضية تم استخدام السلاح كوسيلة لفرض السيطرة والاحتلال ضدّ بلدان العالم الثالث، إلّا أنه في الوقت الحاضر يتمّ استغلال وسائل الإعلام خصوصاً الإلكترونية منها ووسائل التواصل الاجتماعيّ في فرض الهيمنة الفكرية في محاولة للسيطرة على شعوب هذه البلدان، فهناك قدرة عميقة لوسائل الإعلام في التأثير على عقول الناس والسيطرة على أفكارهم وتوجهاتهم، ممّا جعل هذه الوسائل الإعلامية وخصوصاً الحديثة منها تقوم بعملية غسيل لعقول الناس وخاصة الشباب، من حيث قدرتها على زرع الأفكار والتوجهات التي لم تكن موجودة من قبل والتي في بعضها إساءة لعقيدتنا مثل استخدام مصطلح «إسلاموفوبيا» عند بعض الكتاب، ومن جهة أخرى لعبت وسائل الإعلام الحديثة، وبالخصوص وسائل الاتصال الاجتماعيّ في التأثير على الأفراد وجعلتهم عبارة عن أسرى يخضعون لهيمنة أجهزتها وبرامجها بحيث أصبحوا أقرب ما يكونون إلى رهينة للبرامج الإعلامية التكنولوجية، ممّا أثّر سلباً على طبيعة العلاقات الاجتماعية خصوصاً العلاقات الأسرية.نحن متفائلون بقدرة جهازنا الإعلامي على رسم خارطة الطريق لإعلام مبدع ذي رسالة نبيلة، تنقلنا من المحلية إلى العالمية، لكي تتبوأ البحرين مكانتها التي تليق بها في هذا المجال، بقيادة سعادة وزير شؤون الإعلام الطموح علي بن محمد الرميحي وفرق العمل من كوادر وطنية ذات خبرة وأخرى شابة. حفظ الله مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.