نعم، هو التقرير 13 لديوان الرقابة المالية والإدارية منذ إنشائه، وهذا المقال ربما الـ200 أو أكثر الذي نكتبه بخصوص المخالفات الموجودة في هذه التقارير، لكن ما يصعب علي أن أضع رقماً صحيحاً معنياً بـ«الإجراءات التي اتخذت» بحق هذه المخالفات. لا أريد أن أكون ظالماً هنا، فهناك إجراءات حكومية اتخذت، وبعض منها وجدت طريقها للنشر في الصحافة، لكن بعناوين عريضة، وحتى ما أعلن عنه لم يكن بنفس مستوى وزخم نشر المخالفات في الصحافة ووسائل الإعلام.والمؤسف أن هناك معلومات تصلنا من جهات معنية، تفيد بأن هناك عشرات من الحالات التي تم التحقيق فيها واتخذت إجراءات بشأنها، وهناك حالات أحيلت للنيابة، وهناك أحكام وجزاءات أقرت، وأقول هنا «مؤسف» لأن مثل هذه الإجراءات كثير من الناس لم يعلم بها، وكثير من المواطنين لا يعرفون تفاصيلها، إذ حتى ما ينشر لا تعلن تفاصيله. نحن نعيش في دولة ديمقراطية، ومن شعاراتنا، بل هي أصلاً دعائم الدولة الحديثة وأسس للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله، الشفافية، وهنا بالدعوة لكشف الإجراءات التي تتخذ بشأن مخالفات التقرير بشكل أوضح، والإعلان للناس عن نتائج الرقابة والمحاسبة، أمر ضروري ومطلوب. اليوم مثلما نقدم للناس مثالاً صريحاً وواضحاً على عمليات الرقابة المالية والإدارية من خلال ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي يمثل خطوة متقدمة في عمليات الضبط والرقابة، علينا أيضاً أن نقدم لهم مثالاً صريحاً وواضحاً على أن هذه الأجهزة المهمة مقدر جهودها، وأن هذه الأجهزة نتاج عملها مهم، وأنه يستدعي إجراءات قوية وصارمة من قبل الدولة والحكومة، إذ ليس هناك أخطر من الاستهتار بالمال العام، والاستهتار بالعمليات الإدارية، إذ هذا الاستهتار إن وصل لأعلى مستواه وأقصاه، هو يسمى بـ«الفساد» ولا توصيف آخر، والمصيبة بأنه سيكون «فساداً» بحق الدولة. ما نقوله هنا مهم جداً، وصدقوني هو يمثل أهم شيء بالنسبة للناس فيما يتعلق بتقارير ديوان الرقابة، إذ إنه لم نظهر للناس أن هذه التقارير لها فائدة أكثر من كشف حالات التجاوزات والفساد، وأعني هنا أن نري الناس بأن هناك محاسبة صارمة، وأن هناك «كراسي ستهتز» تحت أقدام المستهترين، وأن هناك قانوناً سيطبق على من تطاول على المال العام، أو «لعب» إدارياً في القطاع العام بدل أن يديره بأمانة وضمير، فإننا نحول هذا التقرير لشيء ضد التوجه الرسمي لمحاربة الفساد، بل هذه التقارير ستستخدم لتشويه عملية الرقابة والمحاسبة في الدولة من قبل كارهيها وطوابيرها الخامسة، بدل أن تكون أداة «نفتخر» فيها في البحرين بأنه بناء عليها، هناك عمليات محاسبة وإعفاءات وإقالات لمن لا يستحقون مواقعهم، بل محاكمات، وهذا هو الصحيح. حضرة النواب، حتى الآن لم يأتِ دور الحديث عنكم، فصبر جميل، إذ اليوم بعد 13 عاماً على صدور التقرير، تركيزنا أولاً سيكون في خطابنا للحكومة، والتي نطلب منها أن تكون أكثر صرامة في المحاسبة، وألا تتعامل بـ«تسامح» و«طيبة» لمن يمد يده ويتطاول على المال العام، لأنه لو هناك من يأخذ من أموال البحرين فهي «سرقة»، وندعوها ألا «تتغاضى» عن المسؤولين الذين يفشلون في الإدارة الصحيحة في قطاعاتهم فيحولونها لقطاعات خاصة، ويتحولون هم إلى «فراعنة» أو «نماردة» يتحكمون في البشر، إذ هذه قطاعات دولة وعلى كل موظف فيها أن يكون محمياً بالقانون من أي تسلط مسؤول. الآن لنختصر العملية ونبسطها، فسؤال الناس المتردد دائماً كل عام، وبسبب التقرير، يتمثل بالتالي:«متى ستحاسبون المتسببين بهدر أموال الدولة، أو الفاشلين في إدارة قطاعات الدولة، محاسبة شاملة تشمل الجميع، وبشكل واضح وصريح ومكشوف أمام الناس»؟!هذا أول سؤال يردده الناس، وهنالك أسئلة أخرى عديدة مرتبطة بالأموال التي هدرت، وبتكرار المخالفات، كلها سنتطرق لها غداً. طبعاً لم ننسَ النواب، فهم يتحملون «مسؤولية» أيضاً في تضخم حجم التقرير، وزيادة التجاوزات، والمزيد من هدر الأموال!!تسألون كيف يتحمل النائب المسؤولية؟ نجيب غداً.