اعتدنا أن نأمل المسك في ختام أغلب الأمور، لكن.. ليس في العلاقات العاطفية، التي تبدأ بإعجاب ومحبة ولهفة واندفاع لتنتهي ببروز أنياب أحدهما أو خيانة آخر فتتحول المشاعر إلى الطرف النقيض. ورغم أن العلاقات الدولية براغماتية في مجملها، إلا أن من البراغماتية أن تتنازل عن بعض الفرص مقابل الحفاظ على علاقاتك المتينة والتاريخية مع الدول الحلفاء أو الأصدقاء والتي ستثمر -على المدى الطويل- أفضل مما ضيعت. هكذا كنت أقرأ الأمور حتى جاء أوباما واهماً أنه يعتلي «الأبجر» نحو الخليج العربي ليعلمنا دروساً عاطفية «عنترية» كان حتى المراهقون قد فطنوا لها في هذا الزمان، فرغم البداية الجميلة التي شهدها الخليج العربي مع الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات طوال، وما بينهما من علاقات متينة، أفسد أوباما كل جميل بقلة الوفاء ومغازلة إيران جهاراً ظهاراً، ثم لم يكتفِ بهذا، بل وقع معها عقد زواج عرفي، طعنت فيه أغلب دول العالم، ولم تشهد عليه إلا صاحبات إيران الغاويات..!! يقف الخليج اليوم على مشارف مرحلة جديدة كان قد تبين قبلها بوضوح استدارة أمريكية، ونفاق خجول يحاول إيهامنا أن العلاقات الأمريكية مع الخليج العربي مازالت بخير وأن شيئاً لم يتغير. ولا أدري إن كان الحكم على «ترامب» إيجاباً والاندفاع نحو الارتماء الخليجي مجدداً في أحضان الأمريكان، قراراً حكيماً يستحق المبادرة، أم أن الخليج بهذا سيكون قد مارس طيشاً عاطفياً هو الآخر قبل أن يتفحص صلابة الأرض التي ينوي القفز إليها. قد يكون فوز ترامب بادرة مبشرة للخليج العربي في ظل موقفه المعارض من الاتفاق النووي الذي كان قد أقض مضجع دول الخليج العربية في الفترة الماضية، فمعارضته للاتفاق لم تقف عند كونها رأياً بل تجاوزته إلى تعهد بأن «سيمزقه منذ اليوم الأول» لتوليه مهام الرئاسة. اليوم.. يكون قد مضى على فوز ترامب ستة أيام، فهل مزق خلالها الاتفاق النووي فعلاً؟ أو هل وقف عنده كواحدة من أولى القضايا التي يتبناها ويحلحلها منذ توليه الرئاسة؟!* اختلاج النبض:للعالم كله أن يجلس على كرسي المتفرج انتظاراً لـ«ترامب» وموعد تنفيذه لما قطعه على نفسه من وعود وعهود، قد يكون كرسي الخليج العربي ساخناً قليلاً بحيث يضطرنا للوقوف انتظاراً لتلك اللحظة، وإن غداً لناظره لقريب. ويبدو أن في العهد الأمريكي الجديد سنشهد فصلاً يسعى لترميم الصنيع المعلق لأوباما، إما بإعادة البنيان أو بالهدم إلى القاع.
Opinion
هل مزّق «ترامب» الاتفاق النووي مع إيران؟
14 نوفمبر 2016