لتقليص فجوة المخالفات والمعالجات في الأداء الحكومي وتحسين أداء الوزارات والهيئات دور كبير لا في حفظ المال العام فقط، بل في اللحمة الوطنية وفي مستوى الرضا من المجتمع عن الدولة ككل لا عن الحكومة فحسب.على السادة الوزراء أن يعلموا أن أي سلطة رقابية موجودة سواء كانت تلك السلطة هي مجلس النواب أو ديوان للرقابة المالية والإدارية، أو كانت المجتمع بأفراده أو مؤسساته، وسواء عبروا عن رأيهم في الأداء العام ومارسوا حقهم في الاعتراض والنقد مباشرة أو عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر تقارير كما يفعل ديوان الرقابة المالية، فإن كل هؤلاء يعينونهم على تحسين أدائهم، ويقدمون لهم الخدمة إن هم أبدوا لهم ملاحظاتهم، ويعينونهم على تقريب وتقليص الفجوة بين المواطن والدولة ككل، ويعملون بتحسين أدائهم على تقوية لحمة الانتماء والمواطنة.الجميع مطالب بمراقبة أداء الوزارات والهيئات لا من أجل تحسين أدائهم فحسب، بل من أجل أن نزيد من قوة الالتحام بين المواطن والدولة، ذلك جانب لا يجب أن نغفل عنه، دورهم في تعزيز اللحمة الوطنية ودورهم في حفظ الأمن، وكثيراً ما قلنا إن وزارة الداخلية تعالج أثر سوء أداء بقية الوزارات، فحين يشتد السخط على أدائهم فإن الفوضى تعم البلاد، وتجبر أجهزة الأمن على التدخل لحفظ الاستقرار ومنع الاضطرابات، والعكس صحيح.ورغم أن الدولة توفر الميزانيات للمشاريع والدولة تعين الوزراء وتمنحهم العديد من الامتيازات والاختصاصات والصلاحيات لإنجازها، فإن بعضهم أداؤه ضعيف ويتحمل مسؤولية ضعف أداء وزارته معه، لكنه لا يتحمل النقد والملاحظات في ذات الوقت.ورغم رفضنا للخلط بين الدولة والحكومة، ورفضنا أن يشمل السخط على أداء الحكومة السخط على الدولة، فإن الواقع يؤكد أن هذا الخلط مستمر في الوعي المجتمعي شئنا أم أبينا، وعي قاصر، وعي غير صحيح، إنما علينا أن نعالج هذا السخط إن وجد إلى جانب زيادة جرعة الوعي بالفصل بينهما.أسباب الخلط الخاطئ عديدة أحدها أن كثيراً من السادة الوزراء من العائلة الكريمة، ولو أن غالبية كبيرة من معالي الوزراء تتقبل النقد ومتعاونة أشد التعاون مع السلطات الرقابية.ثانياً العديد من السادة الوزراء يتحسسون من الرقابة والنقد ويرفضون التعاون مع أي سلطة رقابية، ويضعون أنفسهم فوق مستوى أدواتها، ويرون في كل نقد أو ملاحظة أبديت لهم من أي جهة كانت أنها متعمدة ومقصودة ومستهدفة وسلبية ووووو، وبعض الوزراء يحاول أن يوهم أن المقصود ليس وزارته في النقد إنما جهة تعينه!! فيزيد الضغائن والأحقاد ويحمي نفسه على حساب جهة تعينه، تهرباً من الملاحظات التي عليه، مما يحجب الرأي الآخر ويمنعه فيزيد من معدل السخط والتذمر لا ينهيه.هذان سببان يربكان الوعي ويجعلان عدم الرضا والسخط على الأداء الحكومي ينسحب على السخط على الدولة ككل بنظامها بمقاليد الحكم فيها، وبهذا يتسبب ضعف أداء الوزراء وعدم تقبلهم للنقد بتعكير العلاقة بين المواطن والدولة لا بين المواطن والحكومة فحسب.الحل لا يكون بحجب الملاحظات بل بتوجيه السادة الوزراء بقبول تلك الملاحظات والاستماع لها ومحاولة علاجها وبالجواب على استفسارات الناس، فلا تقع تبعات أخطائهم وترفعهم عن الاستجابة على رأس الدولة، من أحق بالحماية وزير ضعيف غير صالح أم دولة بأسرها؟!!
Opinion
من أحق بالحماية الدولة أم الوزير؟
16 نوفمبر 2016