دونالد ترامب هو الرئيس الفائز بانتخابات الرئاسة للولايات المتحدة الأمريكية، وفي ضوء ذلك فإن دول العالم تترقب السياسة الخارجية الجديدة التي سيتبعها الرئيس المنتخب، مع دول العالم، ويمكن تقسيم ذلك إلى 8 ملفات تواجه ترامب لتحديد علاقات بلاده بالعالم، نطرحها كالتالي: أولاً: ترامب لديه مشكلة محلية، ويمكن أن تكون محور بقائه على الساحة الدولية وهي أزمة العنصرية التي تعانيها أمريكا منذ سنوات طوال، وبالتالي فإن سياسة ترامب لتلك الأزمة تعني الكثير في السيطرة على مفاصل البلاد، لاسيما أن ذوي البشرة السوداء متخوفون بعض الشيء من ذلك، ولكن في حال إيجاد الأرضية السليمة التي تضمن وحدة أمريكا في هذا الجانب، فإن هذا الملف سيصبح أمراً من الماضي. والأهم من ذلك أن أمريكا تعاني من تراجع في نموها الاقتصادي مقارنة مع دول العالم، وخاصة الصين التي تسعى لتكون الأولى بالعالم في النمو الاقتصادي، وبالتالي فترامب يواجه تحدياً قاسياً جداً داخلياً من خلال عرض مبادرات وإصلاحات اقتصادية وسط مخاوف داخلية في البورصات الأمريكية التي تنتظر تلك المبادرات من قبل رئيس أمريكا الجديد. ثانياً: أمريكا لديها الكثير من الملفات مع دول الجوار وعلى رأسها دول أمريكا الجنوبية التي اهتزت ثقتها نتيجة السياسات الأمريكية الخارجية، فسيواجه ترامب معضلة رئيسة وهي كيف سيجد الطريق الأمثل لكسب دعم هذه الدول اقتصادياً وفي الوقت نفسه ما هي الحلول المثلى لجعل تلك الدول داعمة لسياسات واشنطن والتي من شأنها إعادة ترميم الكيان الأمريكي في العالم.ثالثاً: العلاقات الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي هي علاقات مترابطة وفي نفس الوقت لا تخلو من الخلافات وخاصة مع فرنسا، وبالتالي فإن ترامب سيجد صعوبة بالغة في التعامل مع الدول الأوروبية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تجد أوروبا نفسها أمام قضايا سياسية وحروب متورطة فيها، بمعنى أن أوروبا تبحث حالياً عن القارب الأمريكي الذي سيوفر الضمانات المناسبة لاستقرار دولها وسط الفوضى التي تضررت منها من قبل قضايا الشرق الأوسط، فهل سيوفر ترامب ذلك لأوروبا؟رابعاً: أفريقيا تعتبر منبع الثروات الطبيعية للكثير من الدول بالعالم، ولذلك فإن الاتجاه الجديد لأمريكا لإيجاد دول يمكن بها تأسيس شركات عابرة للقارات وضخ الأموال بها سيكون مجازفة تستحق الدراسة، نظراً لكون أفريقيا لديها حروب داخلية تسببت بازدياد معدلات الفقر والتسلح غير المشروع، وبالتالي فإن ترامب سيكون في مناوشات داخلية حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأفريقية لكسب تلك الثروات التي من شأنها أن تدفع بالاقتصاد الأمريكي وفي نفس الوقت تعزز الوجود الأمريكي بالعالم.خامساً: الشرق الأوسط في فوضى ليست بالسهولة التي يمكن السيطرة عليها، فالدول العظمى اتفقت على أن يكون لها يد في جميع قضايا الشرق الأوسط، وبالتالي ترامب يجب عليه أن يسلك الطريق الواضح، لأن الشرق الأوسط لن يقبل بأن تكون أمريكا الوسيط لجميع القضايا، لعلمه الكامل أنه في حال كانت أمريكا الوسيط ستعمل على تحقيق مصالحها وليس مصلحة تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتباعاً لذلك، إما أن يكون ترامب في الطرف الذي يسعى لتحقيق السلام بالمنطقة، أو يكون في الطرف الذي يهدف لاستمرار مخطط أمريكا نحو تقسيم الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه سيجد أن إيران اللاعب الرئيس في ملف الفوضى في الشرق الأوسط، ومن هنا فإن ترامب يواجه صراعات أيديولوجية كانت لأمريكا اليد الكبرى فيها، وبالتالي الطريق الذي سيسلكه هو من سيحدد مستقبل قضايا الشرق الأوسط في الفترة القادمة، وبالذات قضيتنا الأولى وهي فلسطين وعلاقتها مع الكيان الصهيوني اللاعب الرئيس في الفوضى، وظهور تنظيمات إرهابية مثل تنظيم الدولة «داعش» الذي يزعزع ويشوه صورة المسلمين حول العالم.سادساً: أمريكا خاضت حرباً باردة مع روسيا، وفي عصر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما كانت العلاقات بين الدولتين في اتفاق نوعاً ما وبالأخص في ملفات الشرق الأوسط، ولكن استمرارها يعني قبول أمريكا بعودة الدب الروسي لثنائية القطب، وبالتالي فإن الكثير من الأصوات داخل البيت الأمريكي تنادي بضرورة تقليص النفوذ الروسي بالعالم، نظراً لما يحمله الروس من نوايا مشكوك بها في علاقاتها مع أمريكا، كما أن الحرب الباردة لن تنتهي، فترامب ربما سيلعب دوراً محورياً في توسيع النفوذ الروسي بالعالم ليرمم القطب الشرقي من جديد أو ستكون له رؤية جديدة لوقف هذا النفوذ.سابعاً: بعد الحرب العالمية الثانية كانت لأمريكا بعض الدول التي تصنف كخصوم، وهي التي تملك اليوم أعلى معدلات النمو الاقتصادي، ولذلك فإن الرئيس المنتهية ولايته أوباما حاول قدر المستطاع أن يقوم ببعض الإصلاحات مع تلك الدول وخاصة اليابان التي تضررت من الانتقام الأمريكي من واقعة بيرل هابر، وذلك عبر رمي القنبلة النووية في هيروشيما وناجازاكي، وبالتالي تنظر تلك الدول وخاصة الصين بنظرة جديدة، وذلك بعد ازدياد النفوذ الروسي بالمنطقة، بمعنى أن الدول الآسيوية ترى أن أمريكا لا يمكن الاعتماد الكلي عليها كحليف استراتيجي في ضوء ما يشهده العالم من عودة للقطب الشرقي. ثامناً: الملف الأبرز الذي سيعمل عليه ترامب هو السلاح النووي والدول التي تملكه، فتلك الدول تعتبر التسلح النووي جزءاً أساساً في تعزيز قوتها وثقلها بالعالم، كون توقعات حالية تشير إلى أن أي فتيل حرب سيكون للسلاح النووي دور فيه وربما يكون الخطر الأكبر في انهيار العالم، فترامب بعقليته الاقتصادية لن يخاطر بتحريك هذا الملف كونه سيؤدي إلى صراعات لا نهاية لها في العالم. خلاصة القول، ترامب يواجه سياسة خارجية مترهلة بملفات معقدة وفق إمكانيات لا حدود لها تمتلكها دولته، وبالتالي فإن الرئيس المنتخب إما أن يوظف تلك الإمكانيات لرجوع الهيبة الأمريكية حول العالم، أو أن يسمح من جديد بعودة الصراع الدولي من أجل الهيمنة على العالم.
Opinion
8 ملفات رئيسة أمام ترامب تحدد علاقات أمريكا بالعالم
16 نوفمبر 2016