كنت أتواصل مع أحد الأصدقاء في موضوع تغريدة نشرها قبل حين في حسابه على «تويتر» وأثارت البعض الذي يبدو أنه فهمها بشكل مغاير وفسرها على أنها إهانة لا بد من الرد عليها، فجاء الرد متوتراً ومستفزاً. قلت له إنني لم أفهمها بالشكل الذي فهمت به ولم أجد فيها إهانة لأحد، لا دولة ولا مؤسسات ولا أفراد، فقد كانت تغريدة بسيطة وكان الغرض منها واضحاً ولهذا استغربت من ردة الفعل المبالغ فيها. سألني عن تفسيري لهذا الذي صار يحدث كثيراً، وكان يعني الردود المنفعلة والمتعجلة والمعبرة عن حالة التوتر الغريبة، فقلت تفسيري هو أن الأحداث المتسارعة والتطورات المتلاحقة في المنطقة والتي بدأت تمس مواطني دول مجلس التعاون الخليجي وتؤثر على حياتهم وتهدد مستقبلهم ومستقبل عيالهم هي السبب الأساس في حالة التوتر التي صاروا يعيشونها، حيث الملاحظ بأن الكثيرين أو ربما غالبية مواطني دول المجلس لم يعودوا في هدوئهم الذي ظلوا يتميزون به، وصارت أمور كثيرة وإن كانت بسيطة تثيرهم ويتحسسون منها.اليوم صار الكثيرون من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي يعيشون حالة من القلق والتوتر بدأت تؤثر على حياتهم وحياة من حولهم وصاروا يتحسسون من أمور كثيرة ويتعجلون تفسير كل كلمة وكل حركة وكل موقف فيقعون في الخطأ الذي قد يتطلب تصحيحه أحياناً فترة غير قصيرة من الزمن وقد تنتج عنه آثار سلبية كثيرة.ما يجري في العراق وسوريا واليمن، وفي بلدان عربية وإسلامية أخرى، وما تقوم به إيران من أعمال تؤثر سلباً على الأمن في المنطقة يؤثر بالضرورة على حياة ونفسية الإنسان الخليجي، والعمليات الإرهابية التي حدثت في بعض دول مجلس التعاون في السنتين الأخيرتين على وجه الخصوص أثرت دونما شك على حياة ونفسية هذا الإنسان، كما أن تسارع الأحداث وغموضها واحتمالات أن تصل النار التي ذاقها من هم قريبون من دارنا إلينا تؤثر دونما شك على حياة ونفسية الإنسان الخليجي الذي هو هادئ دائماً ولا يقلق مما يدور حوله، وإن كان يتابع باهتمام، ومطمئن إلى المستقبل بسبب قوة السلطات الحاكمة في دول التعاون وشعوره بأنها قادرة على حمايته.كل هذه الأمور وغيرها من الطبيعي أن تؤثر سلباً على الإنسان الخليجي فيدخل في حالة من القلق والتوتر تنعكس سريعاً على سلوكه فيتحسس من كل شيء، كلمة أو عبارة أو حتى حركة غير مقصودة يعطيها أبعاداً لا تستحقها. من هنا فإنني لا أستغرب سرعة غضب البعض واستعجاله في الرد الذي يكون في الغالب عنيفاً ومستفزاً وقد يتضمن تهديداً لا محل له من الإعراب.هذه هي المشكلة، ولكن ما هو الحل خصوصاً مع الإيقاع السريع للأحداث وقسوتها وغياب الخبرة في التعامل معها؟ سؤال مهم لا يتوفر لدي جوابه ولكن ينبغي الإجابة عنه من قبل المسؤولين في دول مجلس التعاون وتوفير الحلول المناسبة له، حيث استمرار الحال على ما هو عليه نتيجته المنطقية تحول كل مواطن خليجي إلى مشروع للتصادم والاختلاف، وتحول كل رأي ووجهة نظر إلى سبب لمزيد من التصادم والاختلاف. اليوم يفسر الكثيرون من أبناء مجلس التعاون الكثير من التغريدات والتصريحات والمواقف بطريقة غير واقعية تؤثر سلباً على حياة الجميع وتتسبب في المزيد من التوتر وردود الفعل غير الطبيعية، بل أن ردود الفعل على بعض التغريدات والتصريحات والكتابات صارت تؤدي أحياناً حتى إلى إرباك العلاقة بين الدول.تعقد المشكلة اليمنية والمشكلات في العراق وسوريا وفي غيرها من البلاد العربية والإسلامية والتدخلات الإيرانية الفجة نتيجته المنطقية توتر المواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون.