بالأمس عقد جلالة الملك المفدى اجتماعين هامين، أحدهما تطرق لأمور داخلية تهم البحرين وأهلها، والثاني تعلق بالمنظومة الإقليمية التي تعد البحرين أحد أركانها الأساسية والثابتة. ففي لقاء جلالته مع صاحبي السمو الملكيين رئيس الوزراء وولي العهد، أكد الملك تقديره للجهد الكبير المبذول من قبل سمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، من ناحية الاستمرار في البناء والتطوير والعمل على تحقيق مزيد من الإنجازات والمكتسبات من خلال الارتقاء بالعمل الحكومي. هذا اللقاء، يمثل أرفع لقاء بحريني مستوى، يمكن أن نعتبره «اجتماع عمل» رفيع المستوى بين قادة البلاد، وبرئاسة ربان السفينة البحرينية. جلالة الملك بين الفينة والأخرى نجده يعقد مثل هذه الاجتماعات الدائمة مع الأميرين خليفة بن سلمان وسلمان بن حمد، بل نجد زياراته لمجلس الوزراء تتكرر، وحضوره الاجتماعات الأسبوعية أمراً دأب عليه، وكل هذا في إطار اهتمام رأس الهرم بنفسه، وحرصه على سير الأمور بالشكل المطلوب والمتماشي مع مبادئ المشروع الإصلاحي. الجهود التي تقوم بها الحكومة واضحة، وحراك سمو رئيس الوزراء في إطار مجالسه شبه اليومية ونزوله الميداني المتكرر لمختلف المواقع، تمضي لتعزز موقع المدرسة الإدارية التي رسخها خليفة بن سلمان، وتأتي المؤازرة القوية من قبل سمو ولي العهد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان، من خلال ديناميكيته العالية وأدائه العملي الذي يحطم بيروقراطية العمل الحكومي المعتاد في بعض المواقع، وهذا أمر يدفع دوماً على التفاؤل، بأن هناك حماساً قيادياً يحرك كثيراً من الأمور، ويختصر الوقت ويحقق الفائدة المرجوة والأهداف الموضوعة. بإمكان جلالة الملك حمد أن يوجه وأن يصدر تعليماته، وعلى الأجهزة التنفيذية أن تتابع سير العمل من خلال مسؤوليتها وعبر مواقعها، لكن الجميل أن الملك لا يكتفي بذلك وينتظر النتائج، بل هو دائماً أول المتابعين وأول المهتمين، وهذا حرص ينبع من إحساس بالمسؤولية، تجده بجرعات مضاعفة، متوفراً في عاهل البلاد. الاجتماع الأول، يمكن اعتباره اطمئناناً ملكياً على سير الأمور المعنية بالبلد، وإدلاء بملاحظاته وتوجيهاته القيمة، والأهم تقدير الجهود المبذولة من قبل الحكومة في الملفات العديدة المعنية بها، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي. أما الاجتماع الثاني، ففيه وقف جلالته من الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني على الملفات التي ستعنى بها قمة مجلس التعاون الخليجي التي ستحتضنها البحرين الشهر المقبل. واضح من فحوى الاجتماع الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك للقمة التي ستحتضنها بلادنا، خاصة وأنها تأتي في وقت تزايدت فيه المطالبات الشعبية سواء في البحرين أو السعودية أو لدى بقية الأشقاء، المعنية بضرورة التعجيل بقيام «الاتحاد الخليجي» ككيان مطور لمنظومة دول مجلس التعاون، تتوسع فيه آفاق التعاون والتعاضد، وتترسخ فيه المنظومات الأمنية المشتركة، والتي تمضي تمارينها لتأخذ طابعاً دورياً ثابتاً هدفه تعزيز القوة المتحدة للخليج، وإرسال رسالة واضحة لأعدائنا والمتربصين بنا، بأن دول الخليج العربي كيان واحد لا يتجزأ. قمة المنامة سنترقبها وكلنا أمل بأن تكون «ولادة» هذا الكيان الخليجي منها، أن تكون هي الانطلاقة الفعلية لتحقق فكرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، والتي فيها من الاستقراء المستقبلي الشيء الكثير، والأحداث المتوالية أثبتت ذلك، إذ بات مصيرنا المحتوم مرتبطاً بوحدتنا الخليجية وثباتنا على موقف واحد. تعزيز الجبهة الداخلية، وضمان الاستمرار في عمليات البناء والتطوير وخدمة المواطن، وتقوية الجبهة الخارجية عبر أخذ التعاون الخليجي لآفاق أكثر رحابة ولارتباط أكثر قوة، هما الملفان اللذان يشغلان ملكنا حفظه الله، واللذان يمنحهما الأولوية في هذه المرحلة. إن كنا نريد معرفة خارطة الطريق البحرينية، وما تفكر فيه القيادة، وأين نحن ذاهبون، وماذا نعد للمستقبل، يكفي الاطلاع على اجتماعي الأمس اللذين عقدهما جلالة الملك وفهم رسائلهما والإيمان بمضامينهما.
Opinion
اجتماعان «ملكيان» بالغا الأهمية
21 نوفمبر 2016