ختام تمرين «أمن الخليج العربي 1» حمل رسائل أمنية وسياسية تحمل دلالات واضحة عن منهجية الاستراتيجية الأمنية المستقبلية التي ستقوم عليها دول الخليج العربي، فهذا التمرين ليس استعراضاً أمنياً خليجياً، إنما رسالة بليغة المعنى إن من يراهن على أمن واستقرار دولنا خاسر ونحن قادرون على مواجهته، سواء أكان بطريق مباشر عبر المواجهة العسكرية معه وجهاً لوجه، أو بطريق غير مباشر من خلال قطع جذور الخلايا الإرهابية التي يعمل على إنشائها ويمدها بالتمويلات والإمدادات من الأسلحة والمتفجرات.أحد العناوين العريضة للتمرين الخليجي أن التحالف الأمني الخليجي هو الأهم اليوم أمام موج المنطقة من حولنا بالعديد من الصراعات والحروب، فليس خليجنا واحد فحسب إنما أمننا واحد وواجهتنا البحرية والبرية التي توحدنا تحتاج اليوم لحماية أمنية داخلية قبل الدفاع الخارجي، فالتحديات الأمنية الداخلية هي أهم ما يواجه دول الخليج العربي ولعل هذا ظهر خلال الست سنوات الفائتة، وكان واضحاً من خلال نشاط الخلايا الإرهابية وجرائمها في كل من البحرين والسعودية والكويت تحديداً بل كان واضحاً أن أي عملية أمنية استباقية تظهر في إحدى هذه الدول كمداهمة أوكار الخلايا الإرهابية ومصادرة متفجراتهم أو القبض على قادتهم يقابلها نشاط إرهابي في الدولة الأخرى، وأي تقدم أمني يحدث في «عاصفة الحزم» في اليمن يعني تحريكهم في إحدى الدول الخليجية لإشغالها بشؤون الأمن الداخلي، وكان واضحاً مدى الصلة والترابط بين الخلايا الإرهابية المزروعة في الدول الثلاث بالذات وأن جذورهم وقادتهم تأتي من منبع واحد، فأي خلية إرهابية تكتشف في البحرين مثلاً تكون على علاقة بخلية في السعودية، كما لا ننسى أن أمن دول الخليج العربي يعني أمن المنطقة العربية وحمايتها من ربيع عربي آخر فدول الخليج العربي تدعمهم أمنياً واقتصادياً وسياحياً وتنموياً وأي اضطرابات أمنية تصيبها بالطبع لها انعكاساتها على دول المنطقة. التمرين الخليجي المشترك يقول للعالم من حولنا إن الفوضى الخلاقة لن تطالنا فنحن نسعى لتأطير جهودنا وتأمين سلام حدودنا في الخليج عبر خارطة أمنية تمنع تسرب أي جماعات متطرفة أو اختراقات والاتحاد الأمني بين دول الخليج ليس خياراً أو رغبة إنما ضرورة ملحة ومصير مستقبل استقرار أوطاننا وحمايتها، فدول الخليج العربي تحتاج اليوم أن تشكل قوى إقليمية يكون لها ثقلها وحضورها في الساحة الدولية، وذلك لن يأتي إلا بالاتحاد الأمني فلم تعد جملة «خليجنا واحد وشعبنا واحد» هي عنوان الاتحاد الخليجي وأساس إقامته بل «أمن واحد - مصير واحد» هو أساس عنوان المستقبل القريب للخليج العربي ولكل مرحلة متطلباتها، وفي هذه المرحلة حلم الشعوب الخليجية الاتحاد الأمني، وفي هذا الجانب بالذات قبل أي مجال تنموي آخر!الحاجة الأمنية أيضاً تقول إن أبرز التحديات الأمنية التي تواجهها دول الخليج العربي تحديات الإرهاب الداخلي والتحديات الأمنية الإقليمية من حولها والرادع سيكون إشهار قوة أمنية خليجية خاصة تعنى بالإرهاب وحفظ الأمن الداخلي في دول الخليج العربي وأشبه بقوات درع الجزيرة العربية. ما يميز التمرين الأمني المشترك بين دول الخليج أنه جاء كخطوة أولى تؤكد اقتراب قطاف حلم الاتحاد الخليجي، وهو يؤكد أن دول الخليج قد شرعت في تحصين أراضيها بسور أمني متحد يربطها ببعضها البعض قبل أي شيء آخر، وهو أمر استباقي مدعاة للمفخرة، يؤكد أننا بدأنا بمبدأ الوقاية خير من العلاج وبما اكتشفه غيرنا اليوم وتأخر عنه أمام الهجمات الإرهابية في دولهم، حيث انتبهوا أنهم بحاجة إليهم، فنحن في الخليج استبقنا الاتحاد الأوروبي الذي بدأ باسم المجموعة الاقتصادية الأوروبية، واليوم يعمل على إيجاد قوات دفاع مشتركة وجيش موحد لسد الثغرات الأمنية والدفاعية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد وتكاثر الهجمات الإرهابية مما يعكس أن هناك نظرة بعيدة المدى حول القائمين على الاتحاد الخليجي في حال انسحاب دولة «لا سمح الله» أو تخلفها عن المشاركة الأمنية لأي ظروف أمنية كانت، كما أن تعزيز الشراكة الأمنية يعني تعزيز الشراكة الاقتصادية التي ستؤدي إلى شراكة سياسية وتفتح أبواب التكامل التنموي بكافة المجالات تباعاً بعدها.التمرين المشترك الذي أثار غيظ الكثير من عملاء إيران بالمنطقة وأخذوا يحاولون التقليل من شأنه بأنه مجرد تمرين أمني استعراضي يأتي كصفعة مؤلمة لأوهامهم الإرهابية وأن المرحلة القادمة تعنى بقطع جذور شجرة الإرهاب وإنهاء فروعها فالبسالة والشجاعة والقوة التي أظهرتها الوفود الأمنية المشتركة في جاهزية التعامل مع المواقف والمواجهة الأمنية والتعامل مع المخاطر ومختلف الظروف والأهم توحيد إجراءات العمل الأمني بين الوفود الخليجية واستعرضتها صور تغطيات التمرين ما هي إلا جزء يسير مما ينتظرهم من مصير، فمن يحاول العبث في أمن أي دولة خليجية داخلياً واختراقه لتأسيس كيان إرهابي أشبه بـ «الحشد الشعبي» في العراق أو «حزب الله» الإرهابي في لبنان على سبيل المثال ستكون توابيت الموت نهايته! * إحساس عابر: - في الكلمة الافتتاحية لتمرين أمن الخليج العربي، قال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة «ولما كان الأمن الداخلي مسؤوليتنا الوطنية فإن الأمن المشترك لدول المجلس هو خيارنا الوحيد وخصوصاً في ظل انتشار ظاهرة الجريمة الإرهابية وخطورة التحديات الأمنية في المنطقة مما استوجب التركيز على رفع قدرات وإمكانيات الشرطة المسلحة». فيما كانت رسالته الأمنية في الحفل الختامي: «أدرك كل واحد منا معنى وأهمية العمق الأمني والتمرين وهذا العمل المشترك الناجح نحن مطالبون بأن نبني عليه ونعمل على تطويره وقد وضع حدود الخارطة الأمنية لدول المجلس».- الأسئلة المثارة بعد هذا التمرين: كيف نصيغ هذا الترتيب الأمني في إطار وتنظيم أمني على نحو دائم؟ وما الترتيبات الأمنية المتوقعة في حال تشكيل القوة الخليجية الأمنية الخاصة؟ وما المتوقع من الدور الأمني الخليجي في المنطقة العربية تحديداً؟
Opinion
«الحشد الشعبي» و«حزب الله» لن يظهرا في الخليج
22 نوفمبر 2016