من الأوصاف التي استخدمها أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الله النفيسي للحث على الإسراع في اتخاذ دول الخليج العربية قرارها التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد قوله إن «دولة الاتحاد الكونفيدرالي لدول التعاون الخليجي ستكون مثل «سفينة نوح» القادرة على خوض هذا العباب من حولنا وهذه التهديدات من الجهات الأربع، والمطالبة بالاتحاد الكونفيدرالي بين دول التعاون الخليجي ستكون نقلة تاريخية هامة تستدعيها هذه الأمواج المتلاطمة من حولنا، فهذه «القوارب» النقلات التاريخية للأمم قد تفرضها شبكة من التحديات والتهديدات التي تتطلب تجاوز العتبة النفسية والمحلية لا بل حتى التغيير الجيو – قبلي». وكذلك قوله «لن نتحمل الأمواج ومن الحكمة الانتقال إلى سفينة قادرة على خوض العباب للحفاظ على «النوع» تماماً كسفينة نوح.. ولا مكان هنا لمن يقول «سآوي إلى جبل يعصمني من الماء». وهذا ما يقوله كل أو جل المثقفين الخليجيين الذين عبروا عن هذا الرأي بطرق عديدة وسعوا ولا يزالون إلى إقناع المسؤولين بدول التعاون للتعجيل بهذه الخطوة التي يتضح يوماً بعد يوم أهميتها خصوصاً في مثل هذه الظروف غير العادية والصعبة التي تمر بها المنطقة والتي يتطلب التعامل معها الوقوف في وجهها ككتلة واحدة صلبة وقوية وإلا تمكنت من الجميع. لا يمكن طبعاً التقليل من قيمة وأهمية مجلس التعاون، فهو تجربة ناجحة بكثير من المقاييس وقام بدوره على أكمل وجه في السنوات الثلاثين ونيف الماضيات، ولولاه لعانت دول الخليج العربية من الكثير من الصعوبات ولتعرضت للكثير من الويلات، لكن هذه الصيغة الجميلة لم تعد الصيغة المناسبة اليوم حيث المتغيرات كثيرة وخطيرة وتتطلب اتحاداً بين الدول الست وليس تعاوناً، حيث الاتحاد يتيح لها ما لا يتيحه التعاون، وحيث الاتحاد يحميها من الغرق وسط كل هذه الأمواج التي تزداد تلاطماً.من الأفكار التي طرحت في السنوات الأخيرة بغية الدخول في هذه الخطوة المهمة البدء باتحاد بين بعض دول مجلس التعاون التي تعتقد أنها مهيأة للدخول في هذه الخطوة وترك الباب مفتوحاً لتنضم إليه الدول التي تأخرت في اتخاذ قرار التحول إلى الاتحاد لسبب أو لآخر، ولعل البعض ألمح إلى أن هذا الأمر قد يحدث في البحرين التي تستضيف الشهر المقبل قمة التعاون أو يتم اتخاذ قرار بالدفع نحو التحول المنشود في قمة خاصة تعقد لاحقاً في الرياض حيث مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون. أياً كان توقيت القرار فإن الواضح هو أن دول مجلس التعاون صارت أقرب إلى الدخول في هذه الخطوة بعد أن ازدادت قناعتها بأن المرحلة تتطلب الانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد بل تتطلب التعجيل بهذا الأمر، فهذه الأمواج العاتية لا يمكن الإفلات منها إلا بالصيغة الجديدة، وهذا يعني أن دول التعاون مقبلة على حل كل المشكلات والعوائق التي ما زالت تحول دون اتخاذ قرار التحول المنشود، يساعدها على ذلك أن الاتحاد بين دول المجلس مطلب شعبي قديم، ما يعني أن الأرضية مهيأة تماماً لحصول التحول. تكفي دول التعاون معرفة أن أمواج الإرهاب يمكنها أن تغرق كل المنطقة إن لم يتم وضع الحواجز اللازمة لتكسيرها، وأن الأمواج التي تأتي من الضفة الأخرى للخليج العربي حيث النية مبيتة للسيطرة على المنطقة بأكملها وحيث محاولات تفتيت دول التعاون مستمرة ولا تتوقف، وأن الأمواج يشارك في حدتها بعض من تم اللعب بعقولهم من «الأبناء» وزينت لهم أعمالهم وظنوا أن بإمكانهم في غفلة من الزمن أن يشاركوا في القيادة بل حتى يقودوا المرحلة!كثيرة هي المؤشرات التي تؤكد أن الوقت قد حان للصعود إلى سفينة الاتحاد الخليجي فهي الوسيلة للنجاة من الغرق.