شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي توقيع رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور محمد مطر الكعبي وجميع أئمة المساجد على «وثيقة التسامح الإلكترونية لأئمة المساجد»، وتم التأكيد على أن «الهيئة تمارس التسامح فكراً ورؤية ورسالة في كافة منابرها، وخطابها الديني منفتح على الحياة»، كما قال رئيسها في الكلمة التي ألقاها خلال فعاليات يوم التسامح العالمي الذي أقيم في أبوظبي تحت عنوان «التسامح هوية وطن»، وأكد «أهمية ترسيخ قيم التسامح واستشراف آفاقه وبيئات إنتاجه وتفعيله في الهيئات والمؤسسات الحكومية» معتبرا «نهج الوسطية والاعتدال أعلى مؤشرات السعادة في الممارسات الفكرية والتعامل اليومي مع الناس»، ولافتاً إلى أن «أحوج الناس لثقافة التسامح هم علماء الدين وأئمة المسلمين»، شارحاً «أن مقومات الداعية الناجح أن يحبب كافة الناس بدين الله وأن يجعل المسجد محور اجتذاب لكل أبناء المجتمع، فديننا هو عنوان الرحمة التي تشكل منطلق التسامح والتعاون على البر والتقوى».أما الوثيقة فقد نصت على «عدم التصريح أو التلميح أو الإشارة إلى أي تمييز أو عنف أو كراهية، وأن يحترم الإمام سياسة الدولة القائمة على التسامح والمحافظة على استقرار المجتمع وتلاحمه، وتجنب أي قول أو فعل أو عمل يهدد الأمن والسلم المجتمعي، مع التأكيد على سلامة محتوى خطب الجمعة ودروس المساجد والمحاضرات من أي تلميح أو إشارة لأي نوع من التمييز أو العنف أو الكراهية».أئمة المساجد في الإمارات أقروا باستلامهم نسخة من المرسوم بشأن مكافحة التمييز والكراهية وتعهدوا بعدم ارتكاب أي أفعال معاقب عليها بموجبه أو تخالف أحكام هذه الوثيقة، بينما ثمن عالياً علماء دين معروفون في العالم الإسلامي ومنهم السيد محمد علي الحسيني «قرار الإمارات بأخذها العهد وتوقيع الميثاق على أئمة المساجد لمحاربة جميع أنواع الكراهية والتطرف».خطوة ممتازة ومقدرة، والأكيد أن أئمة المساجد في الإمارات سيلتزمون بما وقعوا عليه وسيكونون سبباً في نشر وترسيخ قيم التسامح والمحبة وسبباً في استقرار المجتمع وتلاحمه، والأكيد أيضاً أن البحرين بحاجة إلى مثل هذه الوثيقة التي يمكن أن تكون سبباً في وضع حد لكثير من التجاوزات التي تم رصدها في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص بسبب خلط بعض أئمة المساجد بين دورهم الديني والسياسة التي أقحموا أنفسهم فيها فارتبكت بوصلتهم ولم يعودوا قادرين على القيام بمهامهم الأساسية والتي يمكن أن يسهموا من خلالها في سعادة المجتمع ويفتحوا لأفراده باباً يقودهم إلى الجنة. مهام أئمة المساجد في كل العالم واضحة ودخولهم في غيرها حرف لتلك المهام يسيء إلى الدين وإليهم، ورغم أن الأصل هو أن يعملوا مستنيرين بهدي الإسلام وبما عاهدوا الله عليه إلا أن التوقيع على مثل هذه الوثيقة يدخل في باب التنظيم وتأكيد الالتزام ويعينهم على تذكر دورهم الأساس وعدم التأثر بالدعوات التي يمكن أن تحرفهم عنه وإن كانت طارئة. منابر الدين وجدت كوسيلة تدل الناس على طريق الهداية وعبادة الله عز وجل، ومسؤولية من يعتليها كبيرة وينبغي أن يكون حريصاً على ألا يجعل منها سببا في الإضرار بالدين وبالمسلمين وأن يوظفها بطريقة تعود بالخير على الناس والمجتمع فيؤكد القيم التي اهتم الإسلام بترسيخها. لكن الصورة لا تكتمل بإيجاد الوثيقة والتوقيع عليها حيث الأهم هو التزام أئمة المساجد بما وقعوا عليه والعمل على ترسيخ القيم التي أكدت عليها وإلا فإن الوثيقة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به. للتذكير، في فبراير 2014 تم في بيت القرآن تدشين «وثيقة مؤسسات المجتمع المدني للتسامح الديني والمذهبي»، وتضمنت أربعة عشر بنداً لتتوافق مع ذكرى ميثاق العمل الوطني، تم الالتزام بها وكان لها مردود طيب.