يشكو اليوم الكثير من التجار في البحرين عدم إقبال الناس على الشراء من محالهم التجارية، وأن حركة البيع بالنسبة إليهم باتت شبه ميتة إلا في أوقات المناسبات كالأعياد وغيرها، بل إن الكثير من التجار بدأوا يشعرون بالخطر بسبب الكساد الحاصل في الأسواق المحلية، بل إن هذا الهاجس أصاب غالبية التجار الكبار منهم والصغار على حدٍّ سواء. يمكنكم استشعار حقيقة هذا الأمر في أول زيارة يمكن أن تقوموا بها إلى المجمعات التجارية وكذلك حين زيارتكم للأسواق التقليدية الشعبية كسوق المنامة والمحرق ولبعض المحال التجارية في مناطق البحرين المختلفة، حيث ستجدون الناس يعزفون عن الشراء في الوقت الذي ينتظر التاجر زبائنه بفارغ الصبر، لكن والحال هذه فإنه لن يجد سوى السراب!مما لا شك فيه أن الأزمة المالية العالمية ضربت عمق اقتصادات غالبية الدول وعلى إثر ذلك ترنحت كافة الأسواق في منطقة الخليج العربي، وحتى الكثير من أسواق الدول الصناعية كذلك، ففي هذه المرَّة تحديداً كانت الأزمة المالية شرسة للغاية ولربما نلقى بعض الأعذار للدول التي تمر بهذه الأزمات، ومع هذا لا يمكن تبرير انهيار الأسواق في شكلها العام في منطقتنا، إذ من واجب الحكومات حماية أسواقها بكل جهد ممكن. هناك اليوم الكثير من الخطط والوسائل التي يمكن لها تنشيط حركة التجارة في البحرين وغيرها، ومن وجهة نظرنا المتواضعة قد يكون مشروع زيادة الأجور بالشكل اللائق ربما ينشط حركة الأسواق بنسبة كبيرة للغاية.حين يكون راتب المواطن هزيلاً سيكون من البداهة بمكان أن يصرف راتبه على الأمور التي تعتبر أولويات بالنسبة إليه كالمؤونات الغذائية وما شاكل، لأنه يشعر أن راتبه لن يكفيه فكيف له أن يبعثره على أمور ثانوية أو «نصف أولوية»؟ حينها سيكون المواطن حذراً للغاية أن يفتح جيبه لكل بضاعة تباع في الأسواق خوفاً من مواجهة الإفلاس، وحين يصل الأمر بالمواطنين أن يتقشفوا برواتبهم فإن الأسواق سوف تتأثر بشكل مباشر، وبذلك سيتأثر السوق والكثير من اقتصاد الدولة في الداخل.لأجل تنشيط حركة الأسواق البحرينية ودعمها بقوة يجب على الدولة أن تضغط على موازناتها بعض الشيء في سبيل زيادة الأجور المحلية بصورة مقنعة لتحاشي سقوط تلكم الأسواق ومن أجل حماية التاجر من الإفلاس الذي ربما يهدد حركة التجارة في كل أرجاء الوطن، فزيادة الرواتب مطلب شعبي ووطني لحماية اقتصادنا المحلي وحماية أسواقنا من الانهيار، وهذا ما يجب أن يتحرك على تفعيله أعضاء مجلس النواب عبر تشريعات قوية تحمي كل من التاجر والمواطن. حين قمتُ قبل أيام بزيارة أحد «المولات» التي كانت يوماً من الأيام تعج بالمتسوقين مع أحد الأصدقاء ذهلنا حين رأينا المجمع التجاري خالٍ من المتسوقين وكأنه أشبه بمدينة الأشباح، حينها تساءل صديقي وهمس في أذني قائلاً: «هل يمكننا الخروج من هذا المجمع المخيف؟». خرجنا والسؤال مازال يراودني «متى سترفع الحكومة «معاش» المواطن البحريني لمستوىً مقنع حتى يمكن أن ينتعش هذا المجمع وبقية الأسواق الأخرى في وطني العزيز»؟ فزيادة الأجور هي نصف الحل.
Opinion
العلاقة الطردية بين الأجور وكساد السوق
23 نوفمبر 2016