الموت ينهي الخصومة لكنه لن يمحو التاريخ، وبناء على أجهزة قياس البيت الأبيض مات باراك أوباما إكلينيكياً كرئيس، لكن موته لن ينسينا أننا عانينا صلفه وهو يبني عصر القطيعة معنا، فهو من رصف ووضع إشارات مفترق طرق العلاقات الخليجية الأمريكية. ثم جاء ترامب الذي ظلمته الكاريزما فاستعاض عنها بتطرفه لجذب العنصريين. لكن ظلمة الأفق الترامبي تشع منها بعض خيوط الضياء لصالحنا بناء على نوايا بعضها سمعناها من ترامب نفسه، وبعضها منقول منه بسند صحيح. فحين ننصت لترامب وهو يهاجم المسلمين ويهدد بابتزاز الخليجيين نتساءل ما الغاية من هذه القصدية العالية! ويقودنا استنتاج عجول إلى أنه لصالح الصهاينة، أو إيران. لكن الحقيقة أن من حسنات ترامب أنه يمقت إسرائيل كما يمقت إيران.فقد صفع ترامب الذي يمكننا وصفه بكل الموبقات إلا وصفه بأنه صهيوني، صفع بقوة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك» قائلاً: «أعلم أنكم لن تدعموني، وأعلم سبب ذلك، لأنني ببساطة لا أريد أموالكم. ثم وبكل جرأة نكص عن دعمه نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة بالقول: «أريد أن أتوصل لاتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا يمكن القيام بذلك بحال كنت منحازاً». بل أن من داعمي ترامب منظمة «كو كلوكس كلان Ku Klux Klan» العنصرية حيث أعلن «ديفيد دوك David Duke» وهو رئيس سابق للمنظمة ومعادٍ للصهيونية أنه وأنصاره لعبوا دوراً مهما بفوز ترامب، فيما صوت 70% من اليهود لصالح هيلاري كلينتون.أما بخصوص إيران، فقد أعلن ترامب أنه ضد الاتفاقية النووية، التي وصفها بأسوأ اتفاقية شاهدها بحياته، وسيقوم بمراجعتها، وسيجعل الإيرانيين تحت ضغطٍ كبير، كما اختار ترامب لإداراته رجالاً يصف معظمهم إيران بأكبر راعية للإرهاب. فأيام إيران الذهبية قد ولت مع أوباما الذي مرر قضية الاتفاق النووي على الكونغرس بعد تجهيزها جيداً، فيما ألقى معارضته لتشريع «جاستا» دون تحضير، لتمزق اعتراضه عليه ذئاب الكونغرس.أما الضلع الثالث فهو أن سيد واشنطن رجل أعمال، ميزانه الربح والخسارة. وهو معجب بإنجازات الخليج في مجال البنية الأساسية في دبي وقطر، ولديه استثمارات خليجية، جعلته يعرف معدن رجال الخليج، وتأكد له أنهم ليسوا «قاصري الحيلة» فقد شكا ترامب شخصياً من نجاح الخليجيين في إبطاء مشاريع النفط الصخري الأمريكي.* بالعجمي الفصيح:لإسرائيل في واشنطن لوبي قوي، ويتشكل لإيران لوبي مماثل، وربما يكون اللوبي الخليجي هو كره ترامب لإسرائيل وإيران.