لن تتأخر حكومة الملالي عن نفي الخبر الذي نقلته وكالة تسنيم للأنباء عن مسؤول إيراني بارز قال إن أكثر من 1000 مقاتل أرسلتهم إيران إلى سوريا من أجل دعم القوات الحكومية هناك قتلوا منذ بدء تدخل طهران في النزاع السوري، ذلك أن هذا النوع من الأخبار يحرجها، فالمسؤولون الإيرانيون ظلوا ينفون وجود مقاتلين إيرانيين في سوريا وأصروا على أن من يتواجد هناك عدد قليل يعملون بصفة مستشارين عسكريين وأنهم لا يشاركون في المعارك الدائرة في ذلك البلد العربي وأنه تم توفيرهم بناء على طلب من الحكومة السورية. حسب الخبر الذي تم تناقله أخيراً فإن هذا العدد «يمثل زيادة كبيرة في أعداد القتلى عما أعلن قبل أربعة أشهر، حين قالت طهران إن 400 من عناصر قواتها سقطوا في المعارك ضد المعارضة بسوريا». وحسب الخبر أيضاً فإن وكالة تسنيم نقلت هذه المعلومة عن محمد علي شهيدي محلاتي، رئيس مؤسسة تقدم دعماً مالياً لأقارب من يسقطون خلال القتال لصالح إيران، حيث المعروف أن إيران تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد المعارضة عبر ميليشيات إيرانية، وأخرى لبنانية وأفغانية وعراقية مرتبطة مباشرة بالنظام في طهران يتم «استئجارهم».هنا يبرز سؤالان مهمان، الأول إذا كان هذا هو عدد القتلى فكم هو عدد المقاتلين الإيرانيين في سوريا؟ والثاني ما مصلحة إيران في سوريا والتي يجعلها تعتبر الألف قتيل رقماً صغيراً ويجعلها تستأجرهم وتسدد كل التزاماتها تجاه ذويهم لو أنهم لم يعودوا إلى بلدانهم، ويجعلها تتحمل ثمن الأسلحة التي ترسلها إلى سوريا يومياً؟ سؤال ثالث يقتحم السؤالين بقوة، لماذا لا تزال إيران مصرة على القول بأنه لا يوجد لها جنود في اليمن؟ هل لأنه لم يحن بعد موعد الإفراج عن هذه المعلومة؟ أم أن الأمر يستدعي أن تستمر حكومة الملالي في النفي – كما فعلت في سوريا والعراق – حتى ينفضح أمرها ثم تعترف؟ الحقيقة التي ينبغي تأكيدها هي أنه لولا الدعم الإيراني السخي وتوفير الكثير من المال والسلاح والرجال لما تمكن بشار الأسد من البقاء شهراً واحداً في كرسيه، بعدما ثار الشعب السوري عليه وطالب برحيله، ولولا الدعم غير المحدود الذي قدمته ولا تزال تقدمه إيران للحكومة في العراق لما تمكنت من الاستمرار ولما حققت أي تقدم على الأرض ضد أي طرف. الأمر نفسه بالنسبة لليمن، فلولا ما يصل الحوثيين من مال وسلاح ورجال – إيرانيين أو من جنسيات أخرى يتم استئجارهم – من حكومة الملالي لما تمكنوا من الاستمرار في أعمال التخريب كل هذه الشهور. الأسبوع الماضي رأى عراقيون بعيونهم سيارات شرطة إيرانية بها رجال أمن إيرانيون وهم يتنقلون في شوارع المدن العراقية وعندما حاولوا التحدث إليهم وسؤالهم عما يفعلونه في العراق تهربوا من الإجابة واختبأوا بين سيارات الزائرين لكربلاء. دليل جديد على تحكم إيران في العراق وتوفر إيرانيين يقومون بالمهام المطلوبة منهم في مختلف المجالات وليس في ساحات القتال فقط. إذا كانت إيران التي نفت نفياً قاطعاً على مدى سنوات وجود مقاتلين لها في سوريا والعراق اعترفت أخيراً بوجودهم وصارت تتحدث عنهم بوضوح، فلماذا لم تعترف بعد بدورها في اليمن رغم أنها جبهة من الجبهات التي تحارب فيها؟ وإذا كانت إيران توفر كل هذا الدعم والمقاتلين لسوريا والعراق واليمن فهل يعقل أن يكون ما تقوله عن عدم تدخلها في البحرين ودعمها لذلك البعض الذي سيطرت على عقله صحيحاً؟ لا أجزم ولكنني لن أستغرب لو أن إيران اعترفت في المقبل من الأيام بأنها وفرت «مقاتلين» لها في البحرين ولم تكتف بالدعم المالي والإعلامي.
Opinion
مقاتلون إيرانيون في البحرين
25 نوفمبر 2016