حرم جامعي متحضر ومنفتح على العصر كحرم جامعة «بوليتكنك» يتحول فجأة إلى حرم تضبطه المحرمات التي تتستر حول عناوين العادات والتقاليد والقيم المجتمعية، وفجأة يأخذ حراس الجامعة الأمنيون «السكيورتية» دور الشرطة الدينية التي تراقب ملابس وشعر وأحذية وشنط الطلبة والطالبات وطريقة مشيهم وأكلهم داخل الحرم الجامعي، وها هي إدارة الخدمات الطلابية تنسى دورها الحقيقي المتمثل في مساعدة الطلبة للوصول إلى أفضل المستويات العلمية في البحرين، لتقوم بدل ذلك بإرسال رسائل إلكترونية لكافة الطلبة المحترمين تعلمهم فيها ما يلبسون وما لا يلبسون، مقتحمة بذلك حرياتهم الشخصية التي صانها دستور مملكة البحرين بكل وضوح.ليست هذه الجامعة في مملكة البحرين أبداً، فالبحرين التي تعتبر من أفضل الدول العربية على مستوى تصنيف الحريات الشخصية، والجامعة تسير عكس الدستور. وليست هذه الجامعة التي يجب أن تهتم بالمستوى العلمي لا بمستوى شكل ثوب الشاب وفستان الفتاة، فالمزاج الديني المتطرف بدأ يقتحم جامعة رائدة في البحرين تحت ذريعة العادات والتقاليد والدين، بينما عبر كل الطلبة الذين التقيناهم بأنهم لم يجدوا داخل حرم جامعة «بوليتكنك» أية تجاوزات تتخطى حدود التقاليد والعادات البحرينية، لكنه المد المتطرف الذي وصل إلى الحلقوم فأصبح يتدخل في خصوصيات الناس بشكل سافر، أما حراس الجامعة فإنهم يلاحقون الطلبة بشكل مستفز والسبب أن إدارة الجامعة أعطتهم صلاحيات «يحلمون» بها إذ يسيرون داخل الجامعة وكأنهم ضباط يتبعون وزارة الداخلية وهم لا يتعدون كونهم «سكيورتية»!اليوم هناك عريضة طلابية مطروحة تم التوقيع عليها من طرف أكثر من 120 طالباً وطالبة تطالب الجامعة بعدم التدخل في شؤونهم الشخصية التي تتعلق بالملابس وغيرها، خاصة وأن غالبية الطلبة لم يخرجوا عن نطاق العادات البحرينية وأن دستور مملكة البحرين كفل لهم حرية اللباس. كما وردتني من بعض الطلبة قصص غريبة أبطالها حراس الجامعة الذين يدسون أنوفهم في كل شيء بشكل وأسلوب غير لائق حين يخالفون أو يخاطبون خيرة طلبة الوطن داخل الحرم الجامعي.كان من الأولى بجامعة «بوليتكنك» ووزارة التربية والتعليم أن تحقق بشكل مباشر في التجاوزات التي أوردها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في هذه الجامعة، وإذا تناستْ «بوليتكنك» ما ورد في التقرير حول تجاوزاتها السافرة فإنا سنذكرها بها، «صرفت بوليتكنك 5 آلاف دينار كمكافأة غير قانونية لإداريين فيها وكذلك مخالفتها صرف بدل ساعات العمل الإضافي، ناهيك عن أن الكلية جددت عقد 100 أكاديمي أجنبي دون التحقق من توافر كوادر بحرينية يمكنها شغل تلك الوظائف». هذا الكلام أولى وأخطر بمئات المرات من التركيز على تنورة طالبة محترمة أو ملاحقة ملابس الطلبة لأن إدارة الجامعة غير مقتنعة بلباسهم. فيا إدارات «بوليتكنك» رتبوا أولوياتكم واتركوا الطلبة وشأنهم وتفرغوا لمحاسبة المفسدين وتطوير الجانب التعليمي في جامعة كان ينبغي عليها أن تكون ساحة رصينة لطلب العلم أكثر من كونها جامعة طاردة للعقول البحرينية الشابة والمميزة.