كيف ستكون فترة حكم ترامب؟ هل ستكون كسابقه أوباما الذي اهتم بتنفيذ حزمة إصلاحات داخلية في عدد من القطاعات؟ وهل ستكون الولايات المتحدة في حالة انعزالية كما عبرت القوى الأوروبية الكبرى عن ذلك؟حالتا المد والجزر تعبران جيداً عن تحركات السياسة الخارجية الأمريكية، فلنبدأ من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب الذي حكم لمدة 4 سنوات خلال الفترة من 1989-1993، تلك الفترة التي حكم فيها الجمهوريون البيت الأبيض استطاع الرئيس حينها من ضمان نفوذ هائل للولايات المتحدة عندما عمل على تحرير الكويت من الغزو العراقي، وضمن لأول مرة في التاريخ تواجداً عسكرياً أمريكياً في مياه الخليج العربي وقواعد عسكرية على أراضي دول مجلس التعاون الخليجي، ثم استطاع معاقبة العراق وفرض الحصار الدولي الشهير عليه. تلك المرحلة التاريخية تمثل مداً في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.بعدها جاء الديمقراطيون برئاسة بيل كلينتون الذي حكم البيت الأبيض 8 سنوات، وشهدت السياسة الأمريكية تراجعاً لافتاً تجاه المنطقة باستثناء انشغاله بتوقيع اتفاقات السلام العربية - الإسرائيلية وقانون تحرير العراق في 1998. رغم كل ذلك حافظ الديمقراطيون على حالة الجزر في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.في 20 يناير 2001 عاد الجمهوريون إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، وحكم جورج بوش الابن 8 سنوات أعاد حالة المد في سياستهم من جديد ليشعل العالم صراعاً، ومنطقة الشرق الأوسط حروباً بدأت في أفغانستان والعراق ومازالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم باسم الحرب العالمية ضد الإرهاب، وفريقه هو الذي خطط لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد.الرئيس الديمقراطي باراك أوباما أعاد حالة الجزر إلى السياسة الأمريكية، وخلال سنوات حكمه الـ8 شهدت سياسة واشنطن تراجعاً تدريجياً في النفوذ حتى تم تشبيهه بانسحاب بريطانيا من شرق السويس عام 1968. ورغم الصراعات التي شهدها الشرق الأوسط، إلا أن الرئيس أوباما حرص على الابتعاد عنها، فلم يتورط كثيراً في العراق، أو سوريا أو اليمن، أو ليبيا، وبقيت السياسة الأمريكية دون موقف تجاه قضايا المنطقة. هذا المشهد المعقد أكد حالة الجزر التي تشهدها السياسة الخارجية لواشنطن.بعد 54 يوماً من اليوم سيعود الجمهوريون من جديد إلى البيت الأبيض بتنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب العرش الأمريكي. ومن المتوقع جداً أن تكون اهتمامات الإدارة الأمريكية الجديدة على القضايا الخارجية، خصوصاً مع الإعلان عن تفاصيل خطة العمل خلال الفترة الماضية.حكم الجمهوريين للولايات المتحدة لن يكون جزراً بل سيكون مداً، وقد يكون مداً متطرفاً في بعض الأحيان. ومن المرجح جداً أن تؤثر شخصية الرئيس الجديد المثيرة للجدل في مزاج السياسة الأمريكية لأنه يبحث عن الصفقات دائماً باعتباره رجل أعمال، ومبررات الصفقات ستكون المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى.لذلك على الشرق الأوسط، ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها البحرين انتظار حالة المد التي ستبدأ مع منتصف الشتاء، وقد نشعر بها في الربيع المقبل.