هناك العديد من النظريات السياسية التي دار الجدل فيها على فرض أن النظرية لا تقبل الصحة والتفنيد، ولكن تقبل مؤشرات يمكن الاستعانة بها، وفق الحاجة إلى طرحها في الأبحاث أو على مستوى القرارات التي تتخذها الدولة.من ضمن النظريات التي دار الجدل حولها، نظرية العقد الاجتماعي، والتي تعود جذورها إلى أرسطو، الذي أشار إلى أن الدولة تنشأ برضا المجتمع أي قبوله، وقد ظهرت هذه النظرية بوجهها الحالي من خلال ثلاثة مفكرين معاصرين، وهم الإنجليزيان توماس هوبز وجون لوك، والفرنسي جان جاك روسو، حيث اتفقوا على أن الدولة من صنع البشر وأن التاريخ البشري مر بمرحلتين، مرحلة الطبيعة أو الفطرة الأولى ثم مرحلة الدولة، وصولاً إلى الانتقال من مرحلة الفطرة إلى مرحلة الدولة بواسطة العقد.وقد خطت الدول الأوروبية هذا التوجه من خلال القرارات التي تتخذها وجعل المواطنين شركاء بكل ما تقوم به الدولة، حيث إن من إيجابيات هذه النظرية أن الشعب يحاسب نفسه بنفسه، كما أنه هو من يتخذ القرارات المصيرية، إلا أن هذه النظرية قد لا تنطبق في ظل تطور وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، فما الأسباب في عدم تطبيق نظرية العقد الاجتماعي بدول الخليج العربي؟قبل الإجابة على هذا التساؤل يجب أن نوضح أن بعض العرب هم قبائل مهاجرة وخاصة بدول الخليج العربي، ومع المتغيرات وظهور مصادر الطاقة وازدهار العواصم الخليجية، أصبحت محط أنظار العالم بشكل كبير، وبالتالي عملت دولاً لكسب وسرقة تلك الثروات التي تمتلكها دول الخليج العربي، وأن تلك الدول لديها وسائلها وأدواتها الإعلامية التي تمكنها من اختراق عقول الشعوب بطريقتها وبأسلوبها وسط الانفتاح الشبكي على العالم.ومن هنا تأتي الإجابة، أن الأنظمة الخليجية كانت سباقة في تطبيق العقد الاجتماعي حيث إن القرارات التي تتخذها لا تتخذ بشكل فردي، بل يأتي اتخاذها عن طريق مجالس شورية وبرلمانية ولقاءات مع المواطنين لتلمس احتياجاتهم ودراستها وخير دليل على ذلك أن مملكة البحرين كان لها السبق في تطبيق تلك النظرية من خلال ميثاق العمل الوطني، والذي يعتبر الوثيقة التي أعطت التغيير السياسي في البحرين صفحة مشرقة، وقد أحبطنا بها مؤمرات تحاك ضد المملكة على جميع الأصعدة، وأهمها زرع كيانات سياسية في مفاصل الدولة للتأثير على القرارات، ولكن بفضل من الله، ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة، والمواطنين العقلاء استمرت مسيرة الإصلاح في المملكة حتى وصلت تلك المسيرة إلى مستوى أن تكون نموذجاً سياسياً تقتدي به دول لها الأسبقية في الإصلاحات السياسية في الدول العربية.إذن الأنظمة الخليجية تواجه تحديات منها الأدوات التي تستخدمها الدول الغربية وخاصة الدول التي لها مصالح اقتصادية هدفها جعل المنطقة غير مستقرة حتى تجني الأموال وتحرك مصانعها وبالذات صناعة الأسلحة، إضافة إلى الحرب العقائدية التي تقودها تلك الدول على الإسلام والمسلمين، وبالتالي فإن الشعوب الخليجية هي شعوب بالأغلب تؤمن بالحكم الملكي كما أنها تتمسك بطبيعتها القبلية كونها هي المنهج السياسي الذي يسهم في خلق الأمن والاستقرار بها، فالأنظمة التي تعتمد على العقد الاجتماعي ليس لديها من الثروات التي تمتلكها دول الخليج العربي، وبالتالي فإنها بعيدة عن أنظار الكثير من القوى الدولية المتحكمة في مصير العالم، وعليه فإن الأنظمة الخليجية بواقعها السياسي الحالي هي أنسب الأنظمة التي يمكن الاعتماد عليها لأنها مزجت بين نظرية العقد الاجتماعي والحكم الملكي الذي يعطي للمنطقة استقراراً وأمناً وأماناً ويحافظ على الثروات والمكتسبات التي تم تحقيقها والتي حصدت الكثير من الإشادات الدولية والأممية.* رؤية:الصفحة الجديدة لا تلغي الصفحات القديمة بحياة الإنسان، ولكنها ربما تكون ملخصاً لتلك الصفحات وجعلها أكثر سمكاً.