قبل أن ينتهي هذا الأسبوع وتحديداً مع ختام اجتماعات قمة مجلس التعاون الخليجي سيتضح موقف دول مجلس التعاون من كثير من الأحداث، وكذلك ما تم الاتفاق عليه بشأن مشروع التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد، والذي كثر الحديث فيه أخيراً إلى الحد الذي اعتقد فيه البعض أن خلافات كبيرة صارت تهدد المجلس وتحول بين دوله وبين إعلان الاتحاد الخليجي خصوصاً بعد الأخبار التي انتشرت عن موقف سلطنة عمان من هذا المشروع وتداول مجموعة من التصريحات التي استشف منها احتمال إعلان الاتحاد بين خمس من دول التعاون فقط. الصورة ستكون واضحة للجميع قبل رفع الجلسة الختامية، والغالب أن قراراً بإحالة المشروع إلى مزيد من الدراسة سيتخذ من قبل القادة الحريصين دائماً على أن تظل الدول الخليجية الست متماسكة، والحريصين كذلك على النجاح لو أنهم اتخذوا قراراً بالتحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد، فبعد كل النجاحات التي حققتها هذه الدول من خلال مجلس التعاون لا يمكنها أن تقبل بالفشل بل حتى بتعثر قرار تتخذه. ومع هذا فإن هامش المفاجآت يظل متوفراً، فلا أحد غير المعنيين يعرف المرئيات وتوصيات الاستشاريين التي رفعت إلى القادة، عدا أن عالم السياسة متقلب وقابل لاتخاذ القرارات النقيضة لكل التوقعات في كل حين. شعوب دول مجلس التعاون تتمنى التحول إلى الاتحاد، وهي أمنية ليست جديدة وتم التعبير عنها مع تأسيس مجلس التعاون وتنامت على مدى العقود الأربعة الأخيرة، وهذه الشعوب تتمنى أن يتوصل القادة إلى قرار جماعي في هذا الخصوص فيتألف الاتحاد الخليجي من الدول الست وليس من بعضها أو أغلبها، وكل شعوب دول مجلس التعاون أيضاً تثق في قادة دول المجلس وتعلم أنهم لن يتخذوا قراراً مهماً كهذا إلا بعد أن يدرسوه جيداً ويراعوا أمنياتها إلى جانب مراعاتهم للجانب الأمني وتطورات الأحداث في المنطقة. الاختلاف في المواقف من العديد من القضايا بين دول مجلس التعاون أمر طبيعي ووارد في كل حين، وليس صحيحاً أن دول التعاون الخمس كلها متفقة في نظرتها إلى كل الأمور بينما لسلطنة عمان نظرة نقيضة، فهناك اختلافات في وجهات النظر وفي المواقف بين كل دول مجلس التعاون في العديد من الملفات وإلا لتحولت إلى الاتحاد منذ زمن بعيد. وهذا يعني أن بالإمكان التقريب بين وجهات النظر كلها والتوافق على كل أو جل الملفات ومن ثم التوصل إلى صيغة معينة تكون مناسبة لكل دول مجلس التعاون وتعين على اتخاذ قرار التحول إلى اتحاد. شعبياً لن يكون مفرحاً إعلان قيام الاتحاد الخليجي بين بعض دول مجلس التعاون، فشعوب التعاون تتمنى أن يتحول الجميع وليس البعض إلى الصيغة الجديدة، والسبب هو أن تحول البعض يعني نهاية مجلس التعاون، ويعني أيضاً صعوبة العودة إليه في حال أن الظروف لم تساعد على الاستمرار في الاتحاد الخليجي لو أنه ضم بعض دول التعاون وليس كلهم. ربما كان الأنسب اتخاذ قرار بالتريث في التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد ريثما يتم التوصل إلى توافق في مختلف الملفات بين كل دول المجلس الست، وهو أمر ليس بالمستحيل وإن بدا صعباً، ويكفي للتدليل على الصعوبات تبين العلاقة المتوترة بين السعودية وإيران والتي يقابلها علاقة عادية بين عمان وإيران، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الأمور ستبقى على ما هي عليه، ففي عالم السياسة تتغير الكثير من الأمور في اليوم، بل في الساعة، بل ما بين غمضة العين وارتعاشتها. ثقة شعوب التعاون في قادة التعاون يجعلها مطمئنة بأنهم لن يتخذوا إلا القرارات التي تصب في مصلحتها جميعها لتصير شعباً واحداً.