نقوم في هذا المقال بمجرد عملية عصف ذهني لما يجب وضعه فى الاعتبار عند التفكير فى صياغة قانون للوقف، وجعله منطلقا للقانون، وهذا يعني محاولة جمع شتات الأفكار والمنطلقات التي يتحتم على المشرع أن يضعها أمام ناظريه في صياغة القانون المأمول، حتى يخرج فى إطاره المرجو، شاملاً جامعاً لكل ما يصبو إليه القائمون على العمل الوقفي فى مملكة البحرين، وفيما يلي نماذج لبعضها، آملين في أن يسهم هذا العمل مع أصحاب الشأن من المتخصصين في علوم الشريعة والقانون لإثراء الموضوع بمقترحاتهم ومرئياتهم ومن أهم هذه المنطلقات: * الموضوعية والتجرد عند وضع القانون، واعتبار التعددية المذهبية فى البلاد إضافة وإثراءً للفكرة، وألا تكون عائقاً أمام إصدار تشريعات حاكمة لهذا المجال الهام والحيوي، فيجب أن تكون المحركات الأساسية عند وضع القانون محركاً موضوعياً مجرداً من كل تحزبات أو عصبيات كريهة، ويكون جل اهتمامه مصلحة الوقف ومصلحة المجتمع بمختلف طوائفه وأفكاره. كما يجب أن يحرص القانون على حماية الحريات الشخصية والدينية أي العمل على احترام رغبة الواقف في توجيه وقفه حيثما أراد وتحقيق شروطه، كما وضعها وأفرغها في الوقفية المسجلة دون تدخل من الدولة أو القضاة أو المجتمع، ما دام شرطه لا يخرج عن الشريعة الإسلامية والإطار العام، حيث إن الواقع العملي أظهر مجموعة من التعديات على حريات الواقف الشخصية من خلال إهمال شروطه. * الحرص على حماية ملكية الأوقاف، ففكرة الوقف بنيت في الأصل على أساس مصلحة الفرد والجماعة، إلا أن الممارسات العملية أظهرت الكثير من التعديات من قبل الأفراد والمؤسسات على هذه الأملاك، فكان لزاماً أن يراعى عند سن قانون للأوقاف توفير الحماية الشاملة لهذه الملكيات وإلا فلا فائدة من القوانين.* الارتقاء بقطاع الأوقاف من وظائف القانون، والعمل على ارتقاء الجماعة التي تقوم على الفرد الذي يميل بطبعة إلى شيئين، حب البقاء وحب التطور، وعلى كل رجال علم معين أن يقدموا الدراسات المتعمقة، ورفعها إلى رجال القانون، فى سبيل إلغاء القوانين غير الصالحة وإحلال القوانين الأكثر تحقيقاً للغايات والأهداف.إذا ما وضعنا هذه المنطلقات جنباً إلى جنب مع ما وصلت إليه مملكة البحرين من تطور فى مجالات عدة وما بلغته من خبرة تشريعية خلال الفترة الماضية، كل ذلك يجعلنا ننادي ونأمل أن يكون التشريعي الوقفي يتميز بالآتي:* أن يكون مستقلا عن القوانين الأخرى للدولة وغير مدرج في القانون المدني كون مصدره «الشريعة الإسلامية»، يختلف عن مصدر القانون المدني وأن استقلال الوقف يقتضي استقلال قانونه، ولا يمنع أن يكون فى القوانين الأخرى ما يتعلق بالوقف مثل تنظيم الإيجار مثلاً «في قانون الإيجارات»، أو الحماية الجنائية لأموال الوقف «في قانون العقوبات».* ضمان عدم عزل الناظر أو من ينص الواقف على منحه ولاية النظر على الوقف إلا بموجب أحكام قضائية نهائية.* توحيد القانون داخل المملكة مع مراعاة الخصوصيات المذهبية والطائفية والأخذ بما هو مشترك فى المذاهب المختلفة، ما سيسهم في إبعاد فكرة المذهبية في البلاد.* تيسير الإجراءات القانونية لإنشاء الأوقاف وإعادة النظر فى الشروط والقيود الشكلية القائمة بهذا الخصوص.* تقديم صيغة استرشادية قانونية حديثة لتنويع الأشكال الوقفية وخدمة فئات مختلفة، ولأغراض مختلفة «شخصية وعائلية ومجتمعية». * استيعاب المستجدات المعاصرة سواء في الأموال الموقوفة، أم في أغراض الوقف، أم في صيغ استثمار ممتلكاته، أم إدارته وتنظيمه.* المواءمة مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وأن يكون مستقرئاً للمستقبل.