الرأي

قمة النماء والارتقاء.. في اتحادنا

صهيل



تعيش مملكة البحرين هذه الأيام أجواء خليجية خاصة تتمثل في استضافتها لاجتماع القمة الخليجية لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هذه القمة التي يتطلع إليها الجميع في دولنا الخليجية ويرتفع فيها سقف الطموح إلى الإعلان عن الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد» بين دول المجلس، وبالتالي تنفيذ اقتراح العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، وطيب الله ثراه، في قمة الرياض قبل نحو خمس سنوات.
ربما توجد عوائق تحول دون الإعلان عن الاتحاد الخليجي، أو اختلاف في وجهات النظر السياسية أو الاقتصادية أو غيرها، ولكنها لا تعتبر عوائق يستحيل معها قيام الاتحاد الخليجي، بسبب أن الاتحاد غاية سامية منذ تأسيس المجلس قبل أكثر من 36 عاماً، بل هو هدف أول ضمن النظام الأساسي لدول مجلس التعاون، وكل ما تحتاج إليه الدول الخليجية هو تفعيل هذا الهدف حتى وإن تأخر كل تلك الأعوام.
نعلم أنه منذ الإعلان عن فكرة الاتحاد في قمة الرياض 2011 كانت -ولاتزال- وتيرة العمل نحو تنفيذ هذه الفكرة أو لنقل هذا الهدف تسير بشكل جدي، وهو ما يؤكد حرص قادة دول المجلس على تنفيذها، ولكن أعتقد أن 5 أو 6 سنوات كافية، فدول الخليج العربي ليست دولاً مترامية الأطراف حتى تمضي أكثر من تلك السنوات لقيام الوحدة أو الاتحاد فيما بينها، كما أن دولنا الخليجية ليست من الدول المتعددة اللغات أو الديانات أو العادات والتقاليد، أو لديها أهداف أو رؤى استراتيجية تختلف كل دولة فيها عن الأخرى، فلو كانت كل تلك العوامل موجودة لكان من الصعوبة بمكان قيام الاتحاد فيما بينها.
ولكن على العكس تماماً، فدولنا الخليجية تجمعها عوامل مشتركة كثيرة، كوحدة اللغة والدين والدم والمصير المشترك، ولو قارنا التقارب بين دول الخليج العربي ودول أخرى لربما نكون أكثر دول العالم تقارباً في كل شيء، فمن المنطق -مع كل هذا التقارب- أن يعلن عن الاتحاد قبل سنوات كثيرة من الآن.
قمة المنامة أو الصخير أو كما سميت «قمة النماء والارتقاء» تعد تجسيداً لرغبة شعبية خليجية عارمة، وهي قيام الاتحاد الخليجي قبل أي شيء آخر، فالاتحاد الخليجي كفيل بتذليل كل الصعاب ولنا في الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة خير مثال على ذلك، فالاتحاد الأوروبي بدأ بـ6 دول منذ مطلع الخمسينات في القرن الماضي، وانتهى بـ28 دولة آخرها كرواتيا التي انضمت له في 2013، أما السوق الأوروبية المشتركة فتأسست فعلياً في عام 1957، بمعنى أن الاتحاد قام أولاً ثم تبعه قيام السوق الأوروبية.
أما ما يتردد بشأن عدم موافقة دولة أو دولتين من دول الخليج على الانضمام للاتحاد لأسباب معينة من وجهة نظر هذه الدولة أو تلك، فذلك لا يعني أن الاتحاد سيرفض انضمامها مستقبلاً، بل الأصل في الوحدة الخليجية هو وجود دولنا الخليجية جميعاً في اتحاد واحد، لذلك تستطيع الدولة التي لم تقبل بعد انضمامها للاتحاد الخليجي أن تلحق بركبه مستقبلاً متى ما وجدت نفسها مستعدة له.
نحن في دول الخليج العربي أحوج ما نكون لقيام اتحاد خليجي لتعزيز جهودنا المشتركة وتوحيد رؤانا بشكل أكثر فعالية وقوة من الوقت الحالي، وقد يقول البعض أن «التعاون» الخليجي يقوم بهذا الأمر حالياً، ولكن الاتحاد سيجعل منا دولاً أقوى من الآن، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من مصاعب جمة في الوقت الراهن، وليس هناك أبلغ من حديث صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، حفظه الله، عندما قال مؤخراً: «الاتحاد الخليجي هدف لا مناص عنه، وبات ضرورة تفرضها المرحلة لما تموج به من تحديات أمنية واقتصادية وأخطار جسيمة، لا يمكن مواجهتها إلا بتقوية التعاون والانتقال به لمرحلة الاتحاد».