في «حوار المنامة» العالم كله يتوحد مع رؤيتنا كدول خليجية حول الأمن، حول الملف الإيراني حول موقفنا في اليمن حول موقفنا من الحشد الشعبي، حول موقفنا من ضبط الأمن الداخلي في دولنا وموازنته مع ملف حقوق الإنسان، وذلك نجاح كبير جداً على مستوى العلاقات الدبلوماسية لم يأتِ من فراغ ولم يأتِ دون جهود حثيثة آتت أكلها بعد القمة الخليجية، فنظرة العالم لنا تختلف بعد أن بدأنا نتحرك بالفعل ككتلة متماسكة متضامنة متمسكة بثوابتها.حضور رئيسة وزراء بريطانيا لاجتماع الدول الست دليل على أن بريطانيا تتعاطى معهم ككتلة لا كدول متفرقة، أعلنوا اتحادهم أم لم يعلنوه فالاتحاد قائم في المواقف تجاه جميع الملفات التي طرحت، هكذا تفرض دولنا احترامها ومكانتها، ولذا أعجبني جداً ثباتنا في الرد على دعوات الحوار مع إيران فأسمعنا العالم ردنا الموحد، وعلى العالم أن يتأقلم مع موقفنا لا العكس. لا تردد كذلك في رفضنا خطاب التقسيم لشعوبنا قبائل وطوائف، وأقليات وأغلبية، وهذا ما حاولوا غرسه من خلال أدبيات وخطاب إعلام غربي مدسوس، إنما صمودنا الرافض لهذا التقسيم المقصود والمتعمد هو ما أجبرهم على قبول موقفنا لا فرض موقف علينا. لقد عبر رئيس وزراء البحرين مؤخراً عن موقفه الرافض لتلك التقسيمات في لقائه مع وزير الدفاع السنغافوري وكان قد حذر منه منذ سنوات وعبر عن شكوكه تجاه هذه النغمات المتكررة في التقارير والخطاب الإعلامي بشكل تبدو وكأنها عفوية إنما هي غير ذلك، بل كان القصد واضحاً هو إلقاء مصطلح وتكراره حتى يصبح واقعاً يتعامل معه المجتمع الدولي.وأكد وزير الخارجية أيضاً على رفض القيادة في البحرين استخدام تلك التقسيمات التي تخدم الأجندة الإيرانية العدائية في البحرين، فلم يطرح مصطلح المعسكرين في البحرين إلا «مجموعة إيران» وهم مجموعة قيادات دينية وسياسية وإعلامية معروفة بالاسم ولاؤها لإيران وتعمل لخدمة أهداف وأغراض إيرانية صرفة، وهي مجموعة معزولة رفضها المجتمع البحريني، ولم نكن نعرف من قبل مثل هذا الخطاب وهذا الطرح التقسيمي على مر التاريخ كله، وقد توارى طرحها اليوم عن الأنظار وبدا خطابها التقسيمي يخجل من نفسه أمام صمود الشعب البحريني بشكل خاص والتحام شعوب دول مجلس التعاون الخليجي الذي برز في أقوى صوره في هذا التفاعل التلقائي والعفوي الفرح باجتماع قيادات الدول الست على أرض المنامة ليعرف القاصي والداني أن البيت الخليجي بسنته وشيعته متوحد ولتذهب تقسيمات إعلامكم إلى الجحيم.أختم بالتأكيد بأن هذا العالم لا يقدر ولا يثمن ولا يحترم من لا يحترم ثوابته ويتمسك بمواقفه ويعمل على مصالحه، هذا العالم يضطر أن يتأقلم هو مع أمر واقع يفرضه ثباتك في موقفك، وتمسكك بمصالحك التي تحددها أنت لا هو، أما التردد ومحاولة إرضاء كل ناصح والاهتمام «بتحسين» الصورة، ومحاولة الظهور بمظهر «المتحضر المتمدن» وفق معايير لا تمت لنا بصلة، فهو الذي أودى بسقوط الأنظمة والدول وضيع أمن الشعوب، وتذكروا كيف كان موقف تلك الدول من البحرين عام 2011 وكيف هو موقفها الآن، تغير 180 درجة مع ثبات موقف البحرين، ولولا ثباتنا وولولا تمسكنا بمصالحنا وبمواقفنا لما اضطروا للتأقلم هم معها، لا لإجبارنا على التأقلم مع مصالحهم.تلك دروس وعبر للتاريخ علمت من لا يتعلم نرجو أن نحفظها تحسباً للمستقبل، فالأطماع في منطقتنا لن تختفي بين ليلة وضحاها.