هناك معادلة مقلوبة في البرلمان البحريني، فبالرغم من أن التعاون مطلوب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو أمر محمود يجعل عملية الرقابة عملية سلسة، تتقبل كل سلطة منهما دون تعقيد دور الأخرى، على ألا يصل «التعاون» بين السلطتين للدرجة التي يكرس أعضاء السلطة التشريعية جهودهم للدفاع عن السلطة التنفيذية بدلاً من مراقبتها.فقد اتضح أن بعض النواب يملكون مهارات دفاعية عن أداء الحكومة نتمنى أن يملك جرأتها السادة الوزراء!!!.. يا جماعة دوركم رقابي لا دفاعي... «انتوا راقبوا الحكومة أول وبعدين تعاونوا معاها».لو كنت مكان وزير الأشغال والبلديات الذي نكن له كل الاحترام والتقدير لقلت للنائب الذي تبرع للدفاع عني «تعال اجلس مكاني فدفاعك عن البلدية أغناني عن الكلام» بعد أن ألقى النائب تصريحاً -لا تجد له مناسبة- دافع فيه عن وزارة البلدية دفاعاً مستميتاً، فند فيها ملاحظات ديون الرقابة المالية بنداً بنداً وملاحظة ملاحظة نيابة عن الوزير، حتى تشابهت علينا الأدوار، أليست تلك مهمة السيد الوزير لا النائب؟ لكننا بعد خطبة النائب أعتقد أن الوزير استرخى وأسند ظهره للكرسي «مرة أخرى نؤكد أن الأخ وزير الأشغال من أنشط الوزراء الأمر ليس شخصياً أبداً» إنما الفكرة في التباس الأدوار عند بعض النواب هداهم الله.لقد أصبح للنواب كتل.. قلنا خيراً في ذلك فليتنافس المتنافسون، إنما اتضح أن مهمة الكتل النيابية هي أن تتولى كل كتلة الدفاع عن الوزير الذي تهاجمه أو تنتقده الكتلة الأخرى.. «أقووول عينا خير»! وليتنا نرى ذات الجهد والحماس والدقة والجرأة في دفاعكم عن الحكومة موجوداً في ممارستكم لدوركم الرقابي، ليتنا نرى من يفند ردود الوزراء بنداً بنداً، ويجرؤ على استخدام أدواته الدستورية الرقابية فيقدم طرحاً ينتقد فيه أداء الحكومة بموضوعية ويقف ونسمع صوته وهو يطرح الأسئلة الصعبة والملاحظات الدقيقة المدروسة، حتى نقول إن هناك توازناً في الطرح، أو هناك موضوعية في استخدام الأدوات الرقابية، إنما في ظل ضعف المجلس النيابي وشكوى الناس من قلة استخدامهم لأدواتهم الرقابية، يضاف إليها أن المجلس أصبح يتحمل عبء الدفاع عن السلطة التنفيذية كذلك فإن ذلك فيه لبس وإساءة للتجربة الديمقراطية، فلا أحد يضر بسعة التجربة الديمقراطية غير هذا النوع من الممارسات الممجوجة.لا يستوي الأمر وتنجح التجربة الديمقراطية ونقول عندنا انتخابات وعندنا مجلس وعندنا سلطة منتخبة وعندنا أدوات رقابية، حتى تبدأ السلطة التنفيذية تأخذ المجلس الرقابي على محمل الجد وتحسب له ألف حساب، وهذا لن يحدث ومعظم الأعضاء عينهم على التوزير أو التعيين بعد المجلس، فيهادن ويجامل ويتغاضى ويسكت ويمرر للسلطة التنفيذية، أملاً في أن يكون موضع اختيار بعد أربع سنوات. وهذا لن يحدث ومن انتخبناه وجدناه إما ممارساً لدور النائب البلدي مدغدغاً مشاعر أبناء الدائرة مراهناً على قلة وعيهم وعدم إدراكهم الفرق، وربما هو نفسه لا يعرف الفرق! أو منشغلاً بتقديم الاقتراحات برغبة ومعظمها لاختصاصات بلدية، وغفل عن ممارسة دوره الرقابي على السلطة التنفيذية.أو تجده مدافعاً عن الوزراء أو صامتاً لا نسمع له حساً، لأنه يعرف أن الحديث الآن مضيعة للوقت، فينتظر ويحتفظ بطاقته إلى حين يأتي وقت الانتخابات 2018 فيبدأ العمل على الدائرة الانتخابية بجولة علاقات عامة وكان الله غفوراً رحيماً!بهذه التقسيمة الحكومة وغير الحكومة.. لن يأخذ أحد السلطة الرقابية على محمل الجد أبداً، إذ يصبح وجودكم وعدمه واحداً.ملاحظة:لن يفيد تبادل الاتهامات بينكم، ولن يفيد رفع دعاوى على الناس وتقديم شكاوى ضدهم في معالجة هذا الخلل.. الشق أكبر من الراقع.