هو يومنا الوطني رغم كل المشاهد الدموية المروعة في حلب، وحرب الإبادة للمسلمين العرب، وتحديداً أهل السنة فيها، هو بالأصل جرح في الضمير العربي، لم يضمد منذ بداية الثورة السورية على النظام الجائر فيها، إلا أنه من واجباتنا ككتاب رأي وصحافة ألا نغفل أهمية استحضار ذكراتنا الوطنية، وأن نحييها في كلماتنا، فلله الحمد لقد حفظ الله أرضنا من نفس المكيدة ونفس المؤامرة والحرب المراد شب وقودها كنار طائفية على أرضنا، مكيدة ثورات ما يعرف باسم «الربيع العربي» وهدر الدماء العربية وإبادتها والإخلال ببوصلة الأمن والاستقرار في الوطن.تمر علينا اليوم الذكرى الخامسة والأربعين لانضمام مملكة البحرين إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، وككيان عربي مستقل امتداده يأتي من أرض العرب والخليج العربي، بعد أن دحضت المؤامرة الإيرانية التي قام بها شاه إيران وادعاءاته ومزاعمه في تبعية البحرين لإيران، فالتاريخ يشهد منذ بدء دعوة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام لأهل البحرين بالإسلام أن البحرين دولة عربية، وأن شعبها العربي المحب المخلص يرى أحقيته في أن تكون البحرين بلداً مستقلاً حراً، يتبع الدول العربية التي هو جزء من منظومتها، كما تمر علينا الذكرى السابعة عشرة على تولي حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، ومنجزاته الكبيرة والنقلة النوعية التاريخية التي أهداها لشعب البحرين في جعل البحرين بلداً متحضراً ديمقراطياً وإطلاقه لبوابات الحرية في كافة الجوانب بما فيها الإعلامية والصحافية. شخصياً، أرى أن اليوم الوطني يتمثل في معاني أن أرى وطني الحبيب وقد حفظه الله من المؤامرات الدولية والمكائد الإقليمية، وهو يحتفي في كل مناطقه بهذا اليوم الغالي، الذي فقد معناه كثير من الشعوب حولنا، تلك نعمة من الله، أرض الوطن هي أغلى ما نملك وهي أغلى من أرواحنا حتى، نعمة أن تخرج من منزلك آمناً وأن تمر على الشوارع فتراها تحتفي هي الأخرى بزينتها والبهجة التي تحملها معك بذكرى يومك الوطني، اليوم الوطني عيد للفرح نستلهم منه أجمل معاني الوطنية والولاء والتلاحم مع القيادة الرشيدة التي هي ولاة أمر لنا وفي الإسلام ولاة الأمر من الواجب تجديد البيعة لهم وإظهار الطاعة والولاء والتأييد لهم والامتثال لأمرهم.معنى الوطن أعمق بكثير من ألوان ترسم على الوجه أو أغانٍ نرددها عنه خلال يوم أو يومين بالسنة، الوطن هو النبض الحاضر معك طيلة الوقت، أنت تحمله منذ أول ساعات يومك إلى آخره، سواء أكنت تدري أم لا، أنت تحمله وأنت تهم بتطوير نفسك بالعلم على مقاعد الدراسة في المدارس والجامعات، أنت تحمله معك وأنت تهم بالإنجاز في عملك فهذا الإنجاز في النهاية يصب في صالح تنمية البحرين وفي استمرار عجلة الحياة العملية، أنت تحمله معك وأنت تربي أجيال المستقبل وتنشئهم على الوطنية وتربيهم على مبادئ طاعة أولي الأمر والولاء لهم وحب الوطن والأرض والتضحية لأجلها، حب الوطن فطرة ومن لا يملك هذه الفطرة فهو شاذ عن الطبيعة الإنسانية وبه خلل جيني في وطنيته ويخالف ما فطرت عليه البشرية!كل إنسان في الدنيا يحمل معه وطنه، في أخلاقه وفي لهجته وفي كلامه وفي أسلوبه وفي تعامله وحتى في ملامحه وتقاسيم وجهه ولكنته وهيئته، لو جلس أحدهم في المطار وأخذ يتفحص المسافرين لاكتشف أنه بطريقة ما يستطيع أن يصيب أحياناً في تحديد جنسية الشخص الذي يراه ولو تأمل في كيف أنه استطاع أن يكتشف ذلك لوجد أن كل أبناء وطن تجمعهم سمات وعلامات بارزة تظهر على ملامحهم وهيئتهم.البحرين اليوم بخير وذلك أكبر عيد وطني لا نعيشه في شهر ديسمبر فحسب، بل أيضاً في كافة شهور السنة، لقد حققت البحرين من المنجزات، والتي قامت بتكاتف شعبها مع القيادة ونجاح تجربتهم في وحدتهم على اختلاف مذاهبهم وأطيافهم واتجاهاتهم، الكثير حتى باتت دول كثيرة تحسدنا على ما وصلنا إليه من تقدم ونماء، فيما دول أخرى تعمل على اقتباس التجربة البحرينية فهي تخلو مما تعانيه حتى بعض أكبر الدول الديمقراطية من عنصرية وتمييز وإخلال بحقوق الإنسان.كل عام ووطننا البحرين لؤلؤة الخليج لؤلؤة حب في قلوبنا، وقديماً اللؤلؤ كان رأس مال الدول وكنزاً كبيراً من يحظى به ويقدر قيمته حيث يغتني، نسأل الله أن يديم علينا أمننا وأماننا.* إحساس عابر: مرت علينا هذا الأسبوع ذكرى يوم الشرطة البحرينية، تحية لرجال الأمن البواسل، وعلى رأسهم وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، فهم أبرز مثال حي لمعاني الوطنية ومصدر إلهام للإحساس بقيمة الأعياد الوطنية وأهميتها، لقد حملت كلمته في هذا اليوم العديد من الرسائل الأمنية المهمة، والأجمل أنها تطرقت لشهداء الواجب رحمهم الله، مؤكداً أن شرطة البحرين سجلت أسماء خالدة على طريق الشهادة، ونضيف في يومنا الوطني أنه من الجميل أن نستحضر ذكرى شهدائنا ونستلهم منهم معاني التضحية لأجل الوطن ومعاني فدائه بالأرواح، كل عام ودرعنا الوطني بألف خير.. كل عام وحماة الوطن يحفظهم الله من كل مكروه وشر.