كان حديث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، في برنامج «مع تركي الدخيل» على قناة «العربية»، أكثر وضوحاً من أن نقوم بتحليل كلماته التي أطلقها من دولة الإمارات العربية المتحدة لنصيب بها أو نخطئ، فسموه تحدث بكل شفافية حول الحاضر والمستقبل، فلم يجمل الواقع ليعطيه صفة المثالية المطلقة، ولم يتشاءم بالقدر الذي يفقدنا قدرتنا على التحكم بالمستقبل، فجاء كلام سموه موضوعياً للغاية. لم يستبق الأحداث في حديثه المتوازن ولم ينظر إلى الماضي ليعيش فيه أو ينحصر في أحداثه، بل تحدث عن المربع الأهم «المنجز والممكن والمعوقات والحلول». تحدث سمو ولي العهد عن كافة القضايا المصيرية المتعلقة بدول وشعوب مجلس التعاون الخليجي، فقام بتشريح الحاضر لبناء نظرة واقعية عن المستقبل لرفع مستوى الإيجابية في عقلية المسؤول والمواطن الخليجي على حد سواء، وطرح كافة المشاكل وكل الحلول الممكنة لها، مطالباً سموه بالصبر بعض الوقت لاكتمال المنجز.أكد سموه على بعض المشاريع التي تحققت والتي سوف تتحقق في القريب العاجل إضافة لمقترحات علاجية لبعض أزماتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والمدنية المعاصرة، وهنا سنختصر أهم ما جاء في كلام سموه عن طريق النقاط التالية:* السعي لبناء غطاء دفاعي خليجي ضد الصواريخ الباليستية.* السعي الحثيث لإنشاء اتحاد جمركي خليجي موحد وربط أجهزة الهجرة وإقرار تأشيرة موحدة كما هو الحاصل في أوروبا.* يجب إحلال مفهوم الوطنية والمواطنة والعروبة كحل أمثل لأزمة الكراهية والطائفية في المنطقة، وتقليص فرص رجال الدين الذين أُعطوا موقعاً أكبر من دورهم إذ من المؤلم أن يتم استغلال الدين من أجل المشاريع السياسية.* يجب المحافظة على العلاقات السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة وبين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية كحليفين دائمين في الإطار الذي يكفل حقوق الخليجيين من جهة أخرى، مؤكداً سموه أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر ثالث أكبر سوق للمملكة المتحدة بعد أوروبا وأمريكا.* أكد سموه أن علاقاتنا السياسية والتاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية ليست علاقات شخصية مع رئيس بعينه، بل هي علاقة مع «الدولة» المركزية، ومن خلال هذا الفهم لا يمكن أن نحصر سياساتنا بمن سيأتي للرئاسة الأمريكية بقدر بحثنا عن علاقتنا المميزة مع الحكومة وليس الرئيس.* طالب سموه أن تكون الخطة الاقتصادية تهدف لزيادة دخل المواطن البحريني بنسبة 100% قبل الـ 20 سنة القادمة، وهذا لا يتحقق إلا عبر بيئة تنافسية عادلة والعمل ضد الاستثناءات والمركزية داخل الدولة، واليوم قد تم تطبيق 64 برنامجاً اقتصادياً وتنموياً على أرض الواقع. إن أهم ما أكد عليه سمو ولي العهد هو السعي لبناء اتحاد خليجي يقوم على القواعد الصلبة لأجل استمراريته، فالكيان الخليجي عند سموه ليس حالة مؤقتة أو طارئة من باب «كل ما يأتي على عجل يمضي سريعاً، وكل ما نكتسبه بسرعة نخسره بسهولة»، ولهذا أكد سموه على أهمية الصبر لأجل بناء محكم - حتى وإن طال أمده - لأنه سيكون الحل الأقوى لاتحاد خليجي واعد، ليس لهذا الجيل وحسب وإنما للأجيال القادمة.
Opinion
سمو ولي العهد برسم المستقبل
17 ديسمبر 2016