من حق الناس أن يسألوا نوابهم، وبنفس الأسلوب من حق النواب أن يسألوا الحكومة ممثلة بقطاعاتها المختلفة. لكن الفارق بين أسئلة الناس والنواب، أن أسئلة الفئة الأولى تكون مباشرة وفورية وسريعة والأهم «بسيطة» تستهدف إجابات واضحة وسريعة، لكن المشكلة في أسئلة الفئة الثانية، وأعني بهم النواب. للأسف خلال التجربة البرلمانية الممتدة من سنوات للآن، يلاحظ دائماً وجود أسئلة نيابية تطرح في وقت إثارة الغبار عن موضوع معين، أو سياسة حكومية معينة، لكن الغالب في هذه الأسئلة أنها تنسى وتترك، وحتى الوعيد والتلويح بالاستجوابات ولجان التحقيق، تخف حدتها مع التقادم الزمني، ولكم في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية خير مثال، إذ كم مرة سمعنا عن تهديدات وتلويحات بالاستجوابات بشأن التقرير، وحتى اليوم لم نرَ شيئاً؟!لكن المهم اليوم، هي القضية التي أثيرت بالأمس ونشرت في صحيفة «الوطن»، وهي المعنية بـ «احتمالية» رفع نسب اشتراكات التقاعد على المواطنين، أي بشكل أبسط، أن هناك فكرة قديمة جديدة لزيادة نسبة الاقتطاع الشهري من رواتب الناس المعنيين بتقاعدهم. هيئة التأمينات بينت بكل صراحة ووضوح فيما نشر بالأمس، أن هناك بالفعل «دراسة» بهذا الخصوص، قد تأخذ حيزاً من الوقت حتى تخلص لنتائج وتوصيات، ما يعني أن العملية لن تتحقق في القريب العاجل. لكن مع ذلك، بدأ الناس بالتساؤل، وهنا ليس الناس معنيون بتوجيه أسئلتهم للجهة الحكومية المعنية، رغم أن هناك احتمالية كبيرة في حصولهم على إجابات، لكن الناس معنيون برفع هذه التساؤلات للنواب. المشكلة أن أحد المواطنين يسألنا بالأمس عن الموضوع، وكانت صدمته كبيرة حينما قرأ في الصفحات البرلمانية، أن هذا الموضوع بالتحديد، والذي يمس الناس في شأن تقاعدهم وفي رواتبهم، تمت إحالته من رئيس المجلس للجنة الخدمات النيابية في 28 يناير الماضي، أي منذ 11 شهراً، والآن جاءت توصية اللجنة بعدم المساس بأية حقوق أو مزايا تقاعدية، وعدم زيادة نسبة الاشتراكات التقاعدية، ويوم الثلاثاء بعد غد سيتم التصويت على التوصية. المشكلة التي أراها هنا أمامي كمواطن، وأستغرب منها، أن موضوعاً مثل هذا، لا يفترض أنه يحتاج إلى 11 شهراً من المناقشات أو المداولات -هذا إن تمت- حتى أخلص لتوصية أقول فيها للحكومة «لا تزيدي الاشتراكات، وعليك وضع خطة بديلة».الموضوع يحتاج لرد بديهي وسريع من النواب حينما طرح، أو حين بانت بوادر عنه، وطبعاً القاعدة النيابية يجب أن تقول إن «النواب ضد كل ما ينتقص من حقوق المواطن». نعم، هناك مقترحات طيبة مثل استخدام نسبة استقطاع التعطل الـ 1 ?، وتوجيهها في دعم ملف التقاعد بدل الملفات التي توجه لها حالياً، رغم أن التذكير يحتم علينا لفت انتباهكم إلى أن هذا الاستقطاع كان يفترض أن يلغى منذ زمن، أقلها منذ بدء عمل المجلس الحالي، فهو من وعد الناس بذلك، إضافة لكون المسألة من ضمن توصيات الحوار الوطني. أنا كمواطن ألوم النواب، أنتم من تمثلوني، ومثل هذه المواضيع لا يجب أن تأخذ وقتاً طويلاً يصل لقرابة العام، وهي مسألة تكشف وجود عدم جدية مع الاحترام الشديد للنواب المعنيين، لكن هذا التأخير فيه تقليل لاحترام الناس، خاصة أن الموضوع يتكلم عن أمر يعني الناس. لا تكفيني كمواطن توصية من النواب تقول للحكومة «لا تفعلي»، بل أريد «تشريعات» وأكرر «تشريعات» تضمن لي حقي كمواطن، في مقابلة أفكار ومقترحات تفضي لـ«تشريعات» توجد بدائل وحلول أخرى لتجنب الناس فرض نسبة اشتراك زائدة عليهم. هناك حاجة فعلية يا نواب لأن تثبتوا لمن انتخبكم أنه يمكن الاعتماد عليكم لحماية مكتسباتهم ولتجنيبهم التعرض لمقترحات وسياسات من شأنها التضييق عليهم. لكن توصيات بعد 11 شهراً، في موضوع هام مثل هذا، لا يمكن لأي عاقل أن يترك الأمر يمر مرور الكرام. ورجاءً، لا تردوا علينا ببيانات وكلام هنا، ردوا علينا بتعهد يضمن عدم التضييق على الناس، أو أقلها يتعهد بأن تلتزموا بتطبيق توصياتكم التي رفعتموها.
Opinion
رفع «اشتراكات» التقاعد.. وتحرك نيابي بعد 11 شهراً!
25 ديسمبر 2016