تعقيباً على مقال أمس حول تشجيع الاستثمار وجذبه حدثني أحد تجار السوق أمس أن المسألة لا تقف عند قدرة الحكومة على تسويق نجاحاتها فحسب بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، تمتد إلى مسؤولية الحكومة في عودة الثقة والضمانات التي تمنحها الدولة لأصحاب رؤوس الأموال وعلى رأس تلك الضمانات تطبيق القانون.فالبيئة التشريعية في البحرين ممتازة وشبه مكتملة وهي أحد عناصر الجذب الاستثماري الذي يؤكد أن التشريعات الموجودة ضامنة وكفيلة للمستثمرين، إنما المشكلة تكمن في مدى تطبيق تلك القوانين وتفعيلها.فأحد أهم الأسباب لتردد المستثمرين في الدخول للسوق البحرينية -وفق أحد تجار البحرين- هو عدم رؤيتهم لأي عقاب وقع على من أخل بسمعة هذه السوق وأساء إليها، هو أن رؤيتهم لجميع المعالجات التي تفتق عنها ذهن الحكومة لحل أزمة المشاريع المتعثرة السابقة والحالية خلت من أي عقوبة على عمليات الاحتيال التي جرت في السنوات السابقة، بل كل ما جرى إلى اليوم هو معالجة تحاول استرجاع بعض من الأموال وإغلاق الملفات فقط، وتلك حلول لا تعيد الثقة بالدولة وبالقانون فتمنح المستثمرين الضمانات التي يريدونها.مثال آخر على سياسة الإفلات من العقاب، يتمثل في الحل الذي أوجدته الدولة لمن يطلق عليهم تجار «الفري فيزا» فبدلاً من معاقبة من جلب تلك العمالة، وهم بالآلاف، وسرحها في الأسواق بإلزامه بإعاداتها وإيقاع العقوبة عليه، تأخذ الدولة عمالته غير الشريعة وتمنحهم هي الشرعية وتتركهم في السوق يزاحمون البحريني ويستنزفون مواردنا وينجو من أدخلهم البلاد من العقاب، هذا الإجراء عزز سياسة الإفلات من العقاب وروج لها فكيف يأمن المستثمرون على رؤوس أموالهم إن تساوى الملتزم بالقانون مع من يخل به.الثقة تأتي من الضمانات والضمانات يتحصل عليها من تطبيق القانون لا من الالتفاف عليه ونجاة المسيئين والمحتالين على القانون من العقوبة، ولا حاجة بعدها لخطط تسويقية تلك الإجراءات الحازمة وحدها ستتحدث عن الدولة دونما حاجة لخطة تسويقية، هي إعلان مجاني للسوق.دعونا نسمع عن تطبيق وتفعيل لقانون العقوبات لمن ارتكب فساداً وسرق أموال الناس وسترون كيف سينتعش السوق وستعود المياه تتدفق فيه.كيف نثق في سوق نرى فيه من جمع أموال المستثمرين ومعها تم جمع مدخرات الناس البسيطة وأموال اقترضوها وكثير منهم من الطبقة المتوسطة الذين صدقوا وعود تجارها، وآمنوا أن حقهم لن يضيع لأنهم يستثمرون في دولة القانون والمؤسسات، فأخذ أموالهم من لا يخشى الله ولا يخشى القانون وكون بها ثروته ولم يقبضوا منه شيئاً، كيف نثق في دولة نرى فيها من سرق تلك الأموال أو احتال لأخذها أو ماطل في دفعها نراه يختال ماشياً بيننا والقانون لا يطاله؟ كيف وهناك مشاريع متعثرة مازالت شاهداً على عمليات الاحتيال التي تمت؟تطبيق القانون وتفعيله وإنزال العقوبة على المحتالين وانتشار أخبار تلك العقوبات وحده يعد أفضل خطة تسويقية تعيد الثقة بالسوق البحرينية، اعتماد مبدأ عدم الإفلات من العقاب ونشر أخبار العقوبات وحده يروج للبحرين ويمنح أهم عنصر جذب استثماري مفقود في البحرين.ويجب ألا ننسى إكمال البنية التحتية في المشاريع المنتهية والمعلقة بانتظار الكهرباء والماء لها فذلك يعزز الثقة في السوق ويحرك العجلة، تلك إجراءات كفيلة لو حدثت بأن تضع البحرين على قائمة المنافسين في المنطقة.
Opinion
مسؤولية الدولة في تعزيز الثقة بالسوق
27 ديسمبر 2016