أن ينتقد الحكومة من يتخذ منها موقفاً سالباً -في الداخل أو الخارج- فهذا أمر وارد ويدخل في الطبيعي، ذلك أن من الطبيعي ألا يوافق الجميع على ما تقوم به الحكومة أو ما تقوله. غير الطبيعي هو أن يلجأ من يتخذ الموقف السالب إلى استخدام كلمات دونية للتعبير عن موقفه ذاك، وغير الطبيعي أكثر هو أن يكون الذي استخدم تلك الكلمات من يفترض أن يبتعد عن استخدامها لأنه عندما يفعل ذلك يسهل على العالم اعتباره ضعيفاً ومهزوماً فيكون قد أساء إلى نفسه. لا يلجأ إلى استخدام مثل تلك الألفاظ إلا من لا يجد غيرها بسبب ضعفه وشعوره بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً غير ذلك. لهذا لم يتقبل حتى المهووسون بأمين عام ما يسمى «حزب الله» استخدامه لتلك الكلمات التي أساءت إليه في خطابه الذي ألقاه الجمعة الماضي في لقائه بالطلاب الجامعيين والذي أقحم فيه اسم البحرين عنوة كما صار يفعل في كل خطاباته الأخيرة. لم يكن لائقاً أبداً انقياد حسن نصرالله لعواطفه ونهله مفردات من قاموس لا يليق أن ينهل منه، لأنه من المفروض ومن المنطقي أن من تستريح العمامة فوق رأسه أنه شخص يمتلك ناصية التحدث إلى الجمهور خصوصاً وأنه لن يعدم عبارات يمكنه التعبير من خلالها عن رأيه وموقفه وتعاطفه مع من يريد التعاطف معه. ما لم ينتبه له نصرالله ومن يعتقد بصحة موقفه هو أنه لولا «تعقل» حكومة البحرين وما تتميز من قدرة على الصبر وطول البال لانتهت الكثير من المشاهد التي يراها اليوم لحظة بدئها ولسارت الأمور بشكل مختلف، ذلك أن عملية فك اعتصام أو تجمع عملية في غاية السهولة بالنسبة للحكومات، وهو ما يراه العالم في الدول التي يعتبرها نصرالله متعقلة بالفطرة، ففي تلك الدول وعلى رأسها إيران وسوريا لا تستغرق مثل هذه العمليات أكثر من ساعة واحدة، فهذه الدول ليس مهماً عندها من يموت ومن يحيا ولا يهمها ما تقوله عنها المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي لا تعترف بها أساساً.الحكومة في البحرين لم تلجأ إلى هذا الأسلوب ولا تلجأ إليه رغم تمكنها من القيام به لو أرادت، فهو حقها، حيث من حق الحكومة أن تعيد الأمور إلى نصابها وتمنع كل ما تعتقد أنه يمكن أن يتسبب في الفوضى وأذى الناس، ففي البحرين تراعى أمور كثيرة لا تراعى في تلك الدول التي ترتكب «الحماقات» ضد شعوبها في كل حين وحتى من دون مناسبة، ولولا هذا لما سمحت باستمرار الحالة التي اعتبرها نصرالله «مثالاً وانتصاراً».أيضاً يدخل في باب التجاوز مخاطبة نصرالله لحكومة البحرين بعبارات لا تليق، فمثل هذه العبارات لا تفسير لها سوى أنها تهديد وتعطي الحكومة حق مقاضاة قائلها خصوصاً وأنه لا علاقة له بالأمر، ذلك أن مثل هذه العبارات تعتبر تدخلاً مباشراً في شؤون دولة مستقلة وتهديداً لا يمكن القبول به، وتأكيداً على وجود علاقة غير طبيعية بينه كأمين عام لحزب مصنف على أنه إرهابي وبين من تطوع للدفاع عنهم وشد أزرهم.التدخل في شؤون البحرين الداخلية أمر مرفوض، واستعانة أمين عام «حزب الله» بمثل تلك المفردات والعبارات أمر غير لائق به وخطأ ما كان ينبغي أن يقع فيه، كما أن تعاطفه المبالغ فيه مع من سعى للدفاع عنهم يؤكد أنه يعتمد في أحكامه على ما يصله من طرف واحد.
Opinion
تجاوزات نصرالله
29 ديسمبر 2016