أعلن وزير التجارة يوم الأربعاء الماضي وجود 100 مليون دولار وجه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد لتخصيصها لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وقبل ستة شهور أعلنت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم قرينة صاحب الجلالة رئيس المجلس الأعلى للمرأة تخصيص 100 مليون دولار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للمرأة.أصبح لدينا الآن محفظتان قيمة كل واحدة منها 100 مليون دولار موجودتان عند بنك التنمية وبالتعاون مع تمكين والجهات المعنية الأخرى المفروض أنهما ستصرفان لتنشيط قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو قطاع يقوم عليه اقتصاد دول بالكامل، نحتاج اليوم إلى صرف هاتين المحفظتين كي تؤتي المبادرتان أكلهما والتوقف عن وضع مليون عصا في العجلة بحجة التدقيق!!مملكة البحرين سبقت دول الخليج كالعادة بالتنبؤ بانتهاء عصر النفط وبأن المستقبل يحتاج إلى ثقافة العودة للسوق كما عاش أجدادنا، البحرين منذ 2005 بدأت بتغيير قناعات الناس بالتوجه فور التخرج للسوق وعدم انتظار الوظيفة، وذلك التغيير في التفكير يعد حلماً بعيد المنال قبل مبادرة إصلاح سوق العمل التي أطلقها سمو ولي العهد عام 2005، كانت الدولة حين ذاك «ادلل» على المنح والمساعدات التي ستقدمها لأصحاب المبادرات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولم يكن يقتنع بها الشباب، كان الدعم حينها شبه كامل، 100% تقريباً، وأعطي لكل متقدم بلا تدقيق ومع ذلك كان الإقبال ضعيفاً.عام 2007 ذهبت فرق من مدراء وموظفي تمكين وبنك التنمية وهيئة تنظيم سوق العمل إلى الشباب في عقر دارهم حاضروا لهم وقدموا لهم العروض في الجامعات وفي القرى وحتى إلى المآتم لإقناعهم بعدم التوجه للوظائف الحكومية بل التفكير الإبداعي بمشاريع خاصة صغيرة تعيلهم وقابلة لأن تكبر، لأن الدولة تتجه ناحية دعم القطاع الاقتصادي وتشجع على اقتصاد تعيش فيه الأسر والأفراد من مشاريعها لا من وظيفتها، أسر تعيش على نشاطها هي لا على مورد طبيعي قابل لأن ينضب في أي لحظة أو تنصرف الناس عنه كالنفط.احتاج الأمر إلى وقت واحتاج الأمر لشواهد على قصص نجاح تقنع من لم يقتنع بأن الخير كله هنا في هذا النشاط الاقتصادي أي في الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاقتناع أن دولاً ليس بها نفط ولا غاز ولا أي مورد طبيعي يعيش أفرادها مستوى معيشياً متقدماً جداً رغم أنهم معتمدون على أنفسهم لا على مورد طبيعي ولا على وظائف حكومية.لم يكن الأمر سهلاً أبداً خاصة وأن النفط كان سعره مرتفعاً ولا حاجة لهذا «التشاؤم» وخاصة أن دول الخليج من حولنا لم تفكر بعد ولم تتجه بعد كما تتجه البحرين فلم التغيير؟حتى وصلنا اليوم إلى نهاية 2016 وأصبح التغيير أمراً واقعاً والبحرين بدأته قبل غيرها، وحيث زاد الطلب على تلك المنح وزاد عدد المستفيدين منها كمؤشر إيجابي يدل عن تحول في الثقافة والوعي استغرق ما يقارب العشر سنوات حتى آتى أكله وأصبح لدينا الآن أسر شبابية تعيش من مشاريعها الخاصة لا تنتظر وظيفة حكومية، ذلك جهد ليس بالهين، إنما مازلنا في البدايات الأولى للنجاح.استمرار الدفع بهذا الاتجاه يحتاج الآن إلى ثقافة عند المعنيين بإدارة هاتين المحفظتين تعتمد على المنح ومن ثم التدقيق لا العكس.ثقافة تعتمد على المرونة وإيجاد الحلول والبدائل لكل إعاقة تقف في طريق تأخير الدفع وتعطيل المصالح وتعقيد الشروط.ثقافة تستند على الاقتناع بأن القائمين على هذه المحافظ إما أن يكونوا هم قوة الدفع أمام توجه اقتصادي وسياسة اقتصادية سبقت بها البحرين دول الخليج فتتصدر البحرين وتسبق الجميع كما كانت لنا الصدارة بالاعتماد على اقتصاد السوق لا اقتصاد الموارد، أو أن يكونوا هم حجر العثرة والعائق فتتأخر البحرين بسبب قيود بيروقراطية وعقليات الجميع متهم حتى تثبت براءته.
Opinion
200 مليون دولار كيف ستصرف؟
01 يناير 2017