ما تفضل به وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في معرض رده على سؤال النائب أحمد قراطة خلال جلسة مجلس النواب الأخيرة عن التهديدات التي تواجه دول مجلس التعاون تضمن إلى جانب التفاصيل اللافتة التي وفرها أمرين مهمين، الأول هو أن الحاجة باتت ماسة لتسريع وتيرة التعاون الأمني والعسكري بين دول مجلس التعاون لأن من شأنه أن يوفر سداً منيعاً أمام مختلف التحديات، والثاني هو أن إيران هي المهدد الأول لأمن دول الخليج. وتأكيداً للمعلومة الأخيرة اهتم الوزير بالقول إن «إيران كانت ومازالت تحتل المركز الأول في تهديد أمن دول مجلس التعاون وزعزعة استقرارها، سواء بنفوذها النووي، أو بتدخلاتها في الشؤون الداخلية لبعض دول المجلس، أو بدعم وتمويل جماعات سياسية وإرهابية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول»، أي أن إيران تفعل كل شيء من أجل الإساءة إلى جيرانها وأن المهم عندها هو تحقيق ما تصبو إليه من أهداف تعتقد أنها إن تحققت ضمنت لنفسها السلامة. الإجابة التفصيلية التي وفرها الوزير ينبغي أن يستوعبها جيداً كل أبناء دول مجلس التعاون، ففيها بيان لما يشغل بال إيران والكيفية التي تعمل من أجل تحقيق ما تصبو إليه والتي أساسها نشر الفوضى والإرهاب ولكن بغطاء إنساني حيث ضمنت دستورها مادة تتيح لها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى فور أن تقرر أنها تمارس ظلماً على شعبها أو فئة منه!من الأمور التي أكدها وزير الخارجية في ذلك الرد قيام «الحرس الثوري الإيراني بتدريب المجاميع الإرهابية وتهريب المتفجرات إليها، ودعمها بالمال والسلاح» وكذلك «قيام «حزب الله»، ذراع إيران في المنطقة العربية، بدعم المجاميع الإرهابية بالتدريب وتهريب الأسلحة والدعم اللوجستي والسياسي لها». ولأن حكومات دول مجلس التعاون تدرك كل هذا وتتوفر لديها معلومات وفيرة ودقيقة عن الذي تقوم به إيران في هذا الصدد لذا حرصت على التنسيق فيما بينها ضد التدخلات الإيرانية في دول المجلس، واعتبر الوزير أن حجم التنسيق في هذا الخصوص شديد ووفر العديد من الأمثلة عليه منها إصدار البيانات التي تدين هذا التدخل الإيراني، واعتبار «حزب الله» حزباً إرهابياً، ودعوة المجتمع الدولي لإدانة هذا التدخل، وقطع البحرين والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية مع إيران، وخفض الإمارات وقطر من مستوى التمثيل الدبلوماسي في طهران، وتحركات أخرى لعل أبرزها القيام بحملة دبلوماسية على المستوى العربي والإسلامي والدولي، وإدراج بند دائم بمجلس القمة العربية ومجلس جامعة الدول العربية تحت مسمى «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية» وغيرها. لله الحمد والمنة فإن أعداد الذين يكتشفون تجاوزات إيران في ازدياد، بل إن العالم كله صار يدرك نوايا ومرامي هذه الجارة التي تعاني من ضيق في الأفق وفهم قاصر لا يتناسب مع ما وصل إليه العالم اليوم، فإيران تستغل الشعائر الدينية وتزرع الفتنة الطائفية في المنطقة، وهي تفعل كل هذا حتى على حساب شعبها الذي بدأ يستوعب أنه تحول إلى أداة لتحقيق أهداف لا يؤمن بها ولا يوافق عليها. اليوم صار على إيران أن تختار أحد طريقين، إما أن تعود إلى رشدها و«تلتزم ببناء الثقة بين الجانبين الخليجي والإيراني في سبيل عودة العلاقات الطبيعية على أساس احترام سيادة واستقلال الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعدم التهديد بالقوة أو استخدامها» أو «تحمل ما ينتج عن عزلتها إقليمياً ودولياً». ورغم توفر القناعة بأن إيران ستختار الطريق الثاني إلا أن دول المجلس لاتزال تأمل أن تراجع نفسها.