قتل بالأمس إرهابيون في المملكة العربية السعودية، فهلل الجميع بقتلهم وتخليص العالم من شرورهم، هللت القنوات الفضائية السعودية والصحف وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي السعودية، وكلها لم تجد لطايع الصعيري أو لطلال الصاعدي أي مبرر أو استعطاف، بأنه شاب صغير، أو أب لأطفال صغار أو ولد وأمه المسكينة حرمت منه أو غيره من مفردات خطاب الاستعطاف التي تجدها عندنا للإرهابيين، ليست هناك وسيلة إعلامية أو تواصلية سعودية تعاطفت مع الإرهابيين واستنكرت قتلهم، رغم أن الجميع «سنة» وأن الإرهابيين «سنة».للعلم في السعودية كما في كل دول العالم هناك شرائح فقيرة وهناك من هو مظلوم وهناك من هو محروم إنما لم يبرر أحد الإرهاب ويربطها بتلك المظلوميات، لا أحد منح هؤلاء الإرهابيين أي تبرير أو تعاطف، بل الجميع كان يداً واحدة مع الدولة التي هي الضحية الأولى للإرهاب وهي المكافح الأقدر على دحره.الإرهابي لا مذهب له في المملكة العربية السعودية، ولا مبرر لإرهابه عند أي أحد، فلا بيئة حاضنة تجرؤ على التعاطف العلني معه، إلا عندنا، فالإرهابي له من يستعطف الناس من أجله، والأدهى أننا لم نجرؤ على اعتبار هذا الاستعطاف تحريضاً أو تشجيعاً على الإرهاب بل تركناه يمارس تضليله دون رادع.استعطاف إعلامي يمارس علناً ويومياً لكل مدان بجرائم إرهابية أو جرائم تحريضية، ويستمر بعمله التحريضي والتبريري بشكل يومي معتبراً ذلك «حرية تعبير» في وقت تعاني فيه البحرين مثل بقية الدول من تنظيمات إرهابية مسلحة تمارس القتل منذ عام 1995 إلى اليوم دون توقف.البحرين هي الدولة الوحيدة التي فتحت أذرعها لتلك التنظيمات وعفت عنهم وأخرجتهم من السجون وكافأت المحرضين ومنحتهم صحفاً وجمعيات سياسية وجمعيات نفع عام وجعلتهم فوق القانون ومارسوا العنف والتحريض عليه وتشجيعه وتمجيده، في صحف مرخصة وعلى منابر دينية وفي حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ووقفت الدولة تتفرج. فعند هؤلاء كل ميت في الصدامات مع أجهزة حفظ النظام يعتبر «شهيداً» وكل من طبق القانون كان «مرتزقاً» وكل متهم أو مدان كان «مظلوماً» وكل مسؤول في الدولة كان «طاغية».هل تجرؤ صحيفة أو حساب للتواصل الاجتماعي على كتابة تلك «التوصيفات» في المملكة العربية السعودية؟ بل هل تجد أحداً يتعاطف مع الإرهابيين رغم أن القائمين على الإعلام السعودي وأصحاب الحسابات من مذهب واحد؟الحق أحق أن يتبع حتى لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطع أبوها يدها، هكذا ديننا وهكذا عرفنا وهكذا تقاليدنا وهكذا «سنعنا» وهكذا تربيتنا، لا عقدة لمظلومية تعمي أبصارنا وتضللنا عن الحق، والإرهابي إن كان محسوباً على مذهبنا تبرأنا منه ومن أفعاله وأجزنا للدولة أن تأخذ حقها منه، وإن وجد مشجعاً أو متعاطفاً أو مبرراً لأفعاله منا أخذنا نحن على يده قبل الدولة ولقي عزلة وصداً من المجتمع ذاته، فلا حاضنة للإرهاب.الأب يبلغ عن أبنائه والأم تتبرأ منهم هكذا يحفظ الأمن والاستقرار في أي مجتمع، وذلك حين يبدأ العلاج من البيت أولاً ومن المحيط الاجتماعي ثانياً ومن ثم من الدولة ثالثاً.أما عندنا فخطاب التبرير والاستعطاف والمظلومية علني ويمارس بكل أريحية، والتبرير للإرهابي يشمل كل من ينتمي لمذهب معين سواء كان في البحرين أو خارجها، والاتهام صحيح بالطغيان والظلم يشمل كل من ينتمي للمذهب الآخر.كيف للإرهاب أن يحتوى ويحاصر ويقضى عليه في البحرين وبيئته الاجتماعية الحاضنة المتعاطفة معه تعمل كالماكينة بلا كلل بتهيئة جيل وراء جيل تعزله عن الدولة وتجعل من كل منتمٍ للدولة عدواً لها حتى وإن كان من مذهبها؟كيف والتحريض والتشجيع والتمجيد والاستعطاف والتبرير تحت مظلة المظلومية تمنح الرضاعة الطبيعية للإرهاب وتغذيه دون أن تتحرك الدولة لفعل شيء.لا يترك الثقل على الأجهزة الأمنية فقط، للقبض على من كبر وترعرع ونشأ في محيط اجتماعي يهيئه لمناصبة العداء للدولة، حتى إذا ما استوى عوده وارتكب جرماً قامت الأجهزة الأمنية بالقبض عليه، العلاج يبدأ من تفكيك البنية الاجتماعية المربية المغذية ثقافياً وفكرياً. ولا يعد التفكيك «تأزيماً» أو خطاباً «طائفياً» أو تحريضاً على طائفة، تلك التخريجات، تصدرها البيئة المغذية للإرهاب لترهب بها الدولة حتى تمنعها من القيام بمسؤوليتها، والنتيجة أن تترك بيئة تغذية الإرهاب محصنة لا تمس بحجة الخصوصية!
Opinion
الكل في واحد حين يحارب الإرهاب
09 يناير 2017