استعرضنا في المقال السابق الأساس الدستوري لعملية نزع الملكية للمنفعة العامة، وقبل الخوض في الأساس القانوني للاستملاك في مملكة البحرين؛ نتعرض بشيء من الإيجاز لبعض الأدلة من حالات الاستملاك للمنفعة العامة في العصور الأولى من الإسلام.ومن ذلك: ثامن الرسول صلى الله عليه وسلم «أي طلب نزع ملكية» بني النجار في بستانهم بالمدينة المنورة حتى يستطيع استكمال بناء المسجد، فقد روي عن أنس رضي الله عنه «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأمر ببناء المسجد قال «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى، فأخذه فبناه مسجداً.كما ثامن الرسول صلى الله عليه وسلم الغلامين اللذين يملكان قطعة الأرض التي بركت عليها ناقته عندما قدم إلى المدينة المنورة، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: هذا إن شاء الله المنزل، ثم دعا الغلامين، فساومهما بالمربد، ليتخذه مسجداً، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هبة، حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجداً، وكان ذلك في العام الأول الهجري. وهناك الكثير من الأمثلة المشابهة.أما في عهد الخلفاء الراشدين؛ فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استملك بيوت من رفضوا البيع عنوة لبناء المسجد الحرام في مقابل تعويض من بيت المال. وهذا هو جوهر نزع الملكية في العصر الحديث. وقد سار على ذات النهج أغلب حكام وخلفاء المسلمين، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببناء أو توسعة مسجد. ومنهم الخليفة عثمان بن عفان أثناء توسعة المسجد النبوي الشريف، وكذلك عبدالله بن الزبير بن العوام حينما أراد توسيع المسجد الحرام، وكذلك الحال عند توسيع المسجد النبوي الشريف على يد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه في عهد الدولة الأموية لزيادة عدد المسلمين ودخول عناصر غير عربية في الإسلام، بأمر من خليفة المسلمين عبدالملك بن مروان، وعلى ذات النهج سار الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان في توسعة المسجد النبوي الشريف أيضاً. كما سار أئمة الفقه الإسلامي الأربعة «الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي» على ذات النهج. ومازالت عملية توسعة الحرم المكي الشريف والمسجد النبوي الشريف مستمرة حتى عصرنا الحاضر.ومما تقدم من أمثلة على استملاك العقارات المملوكة ملكية خاصة، يتضح أن الإسلام وضع إبان انتشاره أساساً قوياً لعملية استملاك العقارات لأغراض المنفعة العامة.وبصفة عامة تقوم عملية استملاك العقارات المملوكة ملكية خاصة على ثلاثة أسس وهي:1- نقل ملكية أحد الأشخاص إلى الدولة أو إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة.2- أن يكون الهدف الأساسي من نقل الملكية هو تحقيق منفعة عامة.3- أن يتم تعويض المالك تعويضاً عادلا.يتبع