قتل 300 شخص على الاقل بينهم 87 طفلا في ثمانية ايام من القصف الجوي المكثف الذي يشنه النظام السوري على مناطق المعارضة في حلب (شمال)، قبل شهر من مؤتمر دولي مخصص لحل للازمة السورية.وتأتي هذه الحملة الجوية الدامية التي تستخدم فيها "براميل متفجرة" بحسب منظمات غير حكومية وناشطين، في وقت يستفيد نظام الرئيس بشار الاسد الذي حققت تقدما على الارض خلال الفترة الماضية، من صمت دولي مطبق، بحسب محللين.واستهدف الطيران السوري بمزيد من "البراميل المتفجرة" اليوم الاثنين، اربعة احياء على الاقل في شرق حلب وثلاثة بلدات في ريفها، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.وقال المرصد ان القصف "بالبراميل المتفجرة" على حي المرجة في جنوب شرق مدينة حلب، ادى الى مقتل خمسة اشخاص بينهم ثلاثة اطفال.واكد مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس اليوم ان القوات النظامية تلجأ الى الغارات الجوية في محافظة حلب خلال الايام الماضية بسبب العدد المحدود للجنود على الارض، عازيا ارتفاع حصيلة القتلى الى وجود مراكز المقاتلين وسط المناطق السكنية.وافاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي "منذ 15 كانون الاول/ديسمبر وحتى 22 منه، قتل 301 شخصا بينهم 87 طفلا و30 سيدة و30 مقاتلا معارضا"، في القصف الذي استهدف كبرى مدن الشمال السوري وبلدات في ريفها.وكان ناشطون بثوا الاحد على شبكة الانترنت شريطا مصورا يظهر اطفالا يهربون من مدرسة في بلدة مارع في محافظة حلب، وذلك بعدما قالوا انها استهدفت بقصف من الطيران السوري. ويظهر الاطفال في حال من الصدمة، وقد غطتهم الدماء والغبار، في حين يعمل شبان على اخراجهم من الصف وسط الصراخ.وتتهم المعارضة السورية ومنظمات غير حكومية نظام الرئيس بشار الاسد باستهداف هذه المناطق ب "براميل متفجرة" محشوة بمادة "تي ان تي" لتسبب دمارا واسعا، وتلقى من الطائرات الحربية والمروحية من دون نظام توجيه للتحكم بأهدافها.وفي حين لا يقر النظام رسميا باستخدام هذه البراميل، الا ان مصدرا امنيا سوريا اكد لفرانس برس ان كلفتها اقل من القنابل او الصواريخ الموجهة.وترى المعارضة ان هذه الضربات الجوية هدفها كسر معنويات سكان المناطق التي تسيطر عليها، وتأليبهم ضد المقاتلين المعارضين.وتشهد حلب التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد قبل بدء النزاع منتصف آذار/مارس 2011، معارك يومية منذ صيف 2012. ويتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على احيائها.وتطالب المعارضة السورية منذ اشهر باقامة منطقة حظر جوي فوق المناطق التي تسيطر عليها لا سيما في شمال سوريا وشرقها، الا ان هذا الطلب لم يلق تأييد القوى الغربية التي تدعمها.ومنذ بدء النزاع، يقول النظام السوري انه يواجه "ارهابيين" مدعومين من دول اقليمية وغربية.واوضح مصدر امني سوري اليوم ان "الطيران الحربي يستهدف مواقع محددة للمسلحين، الا ان هذه المواقع متواجدة وسط مناطق مدنية".وشدد على ان الجيش النظامي ينقصه العديد اللازم لشن حملة برية شاملة في حلب ثاني كبرى المدن السورية، على عكس الحال في محيط دمشق حيث حقق النظام في الاشهر الماضية تقدما ميدانيا، مدعوما بحزب الله اللبناني الذي يتمتع مقاتلوه بخبرة في حرب الشوارع.ويرى محللون ان النظام السوري يصعد من قصفه الجوي على حلب، من دون ان يكترث لرد فعل محتمل المجتمع الدولي.وقال مدير معهد بروكينغز الدوحة سلمان الشيخ لفرانس برس اليوم "لم يعد ثمة خطوط حمراء، بات الضوء أخضر"، وذلك في اشارة الى "الخطوط الحمر" التي وضعها الرئيس الاميركي باراك اوباما ضد احتمال استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية ضد مواطنيه.الا ان واشنطن تراجعت عن تلويحها بشن ضربة عسكرية وشيكة ضد دمشق بعد هجوم بهذه الاسلحة قرب دمشق في آب/اغسطس الماضي، اتهمت الدول الغربية والمعارضة السورية النظام بالمسؤولية عنه.ووافقت دمشق على تدمير ترسانتها من الاسلحة الكيميائية بحلول منتصف العام 2014، بعد اتفاق روسي اميركي تلاه قرار من مجلس الامن.واعتبر الشيخ ان الخطاب السائد لدى الدول الغربية حاليا هو ان النظام السوري يعد اقل سوءا من السيناريوهات التي تطرح احتمال سيطرة التنظيمات الجهادية على الميدان السوري، علما ان عددا لا يستهان به من مقاتلي هذه الجماعات التي يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة، قدم من دول اوروبية.وتابع ان "النظام يقصف لانه يرى ذلك متاحا له. لن يوقفه احد"، مضيفا انه "على رغم كل القوانين الدولية، ثمة من يرمي بالبراميل المتفجرة على المدنيين. هذا امر استثنائي".ويرى الشيخ ان تحقيق النظام مكاسب ميدانية خلال الاسابيع الماضية، سيجعله يشارك في المؤتمر الدولي حول الازمة من موقع قوة، في حين سترى المعارضة نفسها ضعيفة خلاله.ويقول "ثمة مجموعات متشددة في الميدان تستفيد من هذا الواقع، والنزاع سينحو الى اتجاه اكثر تطرفا".وتستضيف سويسرا في 22 كانون الثاني/يناير مؤتمرا اصطلح على تسميته "جنيف 2" بمشاركة النظام والمعارضة بحثا عن حل للازمة السورية. ويبدأ المؤتمر اعماله في مدينة مونترو، ويستكملها بعد يومين في جنيف.واليوم، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ان بلاده الحليفة للنظام السوري، ارسلت جوا الى سوريا 75 شاحنة ومعدات اخرى للمساعدة في عملية ازالة وتدمير الاسلحة الكيميائية.