الدم حرام .. بكل ماتعني هذه الكلمة من معان .. من منا تمنى أن يُمَلي عينية بمشاهدة وجه ’’القاتل‘‘ وهو مسجى على الأرض لاحول له ولا قوة .. بعد أن نزع الله منه روحه الضريرة الشريرة، ونفذ فيه سهام الليل الصائبة من دعوات الأبرياء، ولعنات المظلومين .. ليعلم كل طاغٍ في الدنيا أن مآله إلى زوال، وإن طال به الأمد، وأن سوء خاتمته والعياذ بالله .. قد لا يحتملها من كان له قلب ! فلا تحسبن دعوات الثكالى والأرامل والأمهات اللاتي احترقت أكبادهن وانفطرت قلوبهن حَزَناً أن الله لايسمع شكواها ونجواها .. لا ورب المشرقين .. قـُل يسمعها الذي لايخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء .. وإن كانت بلا أجنحة .. إلا أنها بإذن ربها تخترق السُحُب والحُجُب، ويعزها ربنا سبحانه وتعالى في ملكوته .. فيفتح لها أبواب سماواته العُلى .. فلا يصدها ورعُ ولا يردها درعُ، يمنحها من كنفه سبحانه ماشاء من أسراره .. فتحفها ملائكة الدعاء وحفظتها بنصر من لدنه ورضوان من بركاته، ويعجل بها في الدنيا .. لتستقر باسمه الأعظم في أغلى مايملك الظالم .. ليرى المظلوم عاقبة من ظلمه ومنقلبه ومنتهاه .. ذلك هو الله .. الذي يمهل ولا يهمل. فلا تعجل يا رعاك الله بالذنب الذي لا يغفر، واعلم أن هدم الكعبة حجر حجر أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم، وإياك إياك من إزهاق نفسٍ فإنها طائر في عنقك .. لا يحلها ولِيُ لها بإرهابك وسلطانك وجبروتك، وإنها لعنة وحسرة وسيف مُسلط عليك، وأعلم أنك مفارق لا محالة، وسيدفع جسدك ضريبة جُرمك، ولن تتحلل من الذنب .. فإنها والله لكبيرة، ولن يدخل قبرك معك حَامٍ أو مُحَامٍ، ولا شقيق ولا شريك .. فقط .. خليلُك سيودعك، ولو جلس على شفير قبرك ماجلس لن ينفعك .. وحيداً تولج في قبرك مجندلاً .. وكتابك معك ! وليتحل الآباء ممن فقدوا أغلى مالديهم بالصبر الجميل، ولتعلموا أنها الأمانة التي استخلفكم الله عليها في الحياة الدنيا .. ولتهدأ صدور الأمهات فقد أّنّت السماء لبكائِهن، وضجت الأرض لدموعِهِن، وغضب الله اليوم على من روعهن غضباً شديدا .. ياهذا .. استحلفك أن تكن عبداً لله، ولا تكن عبداً لمأمورِ .. فإنك ميت ومأمورك ميت، وإن تَكُ قتيلاً تحت إبط الحق .. خير لك من أن تَكُ قاتلاً في جناب الباطل، وإن منحك الباطل نيشاناً أو حافزاً .. فلن ينفعك إلا ماتبقى لك من عمرك .. ولن يغنِ عنك شيئاً من العذاب، وأعلم أنك ملاقِ الله عن قريب .. يوم تحسب أنك مالبثت في هذه الدنيا غير ساعة .. أو عشِية أو ضحاها ! يامن لا نلوذ إلا به ، ولا نرفع الأكُفَ إلا له .. يامن أرخيت أستار الليل على خلقك .. فنام الظالم آمناً عقابك، وبات المظلوم منتبهاً على بابك .. يقسم بك عليك والمنتهى منك واليك .. اللهم شُعث غُبر يرجونك ويدعونك أن تعجل لهم بقريب فرجك يامن لا يعجزه شئ .. اللهم سُقيا غيث ياغياث المستجيرين أربط على قلوب خاصتك وعبيدك ومساكينك .. فلا ناصف لهم إلا عدلك .. ولا ناصر لهم إلا قضاءك .. اللهم وأثلج صدورهم بمددِ من عندك .. وعافِ من فزع منهم .. وشافِ جرحاهم وأعِنهم .. وهدئ روعهم، وأكشف عنهم البلوى وداوهم بالصبر والسلوى. نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يُرِينا آية النهاية في كل طاغٍ ويشفِ غليل كل مظلوم ومكلوم .. اللهم يا عز كل عزيز، ويا مُذل كل ذليل .. ياوكيل من احتسبوك ووكلوك، وأنت نعم الحسيب ونعم الوكيل .. اللهم لا تُمِت من قتل ومن روع قبل أن تُطفِئ نور عينية كما أطفأت من قبل نور قلبه، وأن تمسخ على وجهه نكال نار جهنم .. حتى يفزع من هول مشهده من دعا ومن أمّن .. اللهم واجعل دائرة السوء عليه والمرض اللعين في عقبيه .. اللهم لا تمته قبل أن تصب جام نُحَاسٍ ورَصَاصٍ على وجهه، وأجعله أثراً بعد عين .. حتى يشيب من هول مشهده الولدان شيبا.ياقوي ياعزيز