لم يكن يتخيل الطالب والناشط السوري سيف الإدلبي، أن يرى في حياته رعبا وتعذيبا أشد من سجون نظام الأسد التي خبرها، إلا أن ما تعرض له في أحد سجون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام كان "مرعبا ولا يمكن تصديقه".ويروي سيف كيف نقله عناصر "تنظيم الدولة" إلى مستودع كبير فيه جثث مقطوعة الرأس، معلقة في جانب المستودع كالذبائح دون رؤوس، وقالوا له "زن لنا هذا الرأس، لأنه غدا يأتي شخص آخر ويقوم بوزن رأسك"، وذلك قبل أن يرجعوه إلى السجن مجددا.هذا الطالب والناشط الإعلامي والميداني من ريف إدلب والذي كان معتقلا لدى "تنظيم الدولة"، حررته المعارضة المسلحة مع عشرات آخرين بعدما استطاعت اقتحام هذا المستودع الذي تحول إلى سجن "فيه مدنيون من عمر 13 سنة حتى سبعين، بتهمة أنهم كفار"، بحسب قول سيف.ويتابع الشاب الذي يقول إنه من أوائل الذين خرجوا بالمظاهرات ضد النظام السوري وتم اعتقاله في إحداها إنه في سجن "الدولة الإسلامية" كان عناصر تنظيم "الدولة" يوزعون نصف ليتر من المياه لمدة يومين لكل شخص، وهي للشرب وللاستخدامات الشخصية.السجان المسمى "خطاب العراقي" -بحسب سيف- كان يأكل الكباب ويرمي على السجناء بقايا الطعام، ويصفهم بأنهم "أوسخ من الأميركيين الذين دخلوا إلى عراقنا"، وبعد عدة أيام "جاء شخص اسمه أبو الولاء وهو المسؤول عن المساومة على الفدية ومعه شخص سوري من مدينة حلب، حيث قام بفتح بازار على الفدية لإطلاق سراح السجناء، وطلبوا فدية من السجناء بينهم سجينان أرمنيان من حلب بقيمة مائة ألف دولار لكل شخص، فقلت لهم، ماذا تطلبون؟ قالوا لي أنت محكوم عليك بالقتل ذبحا".حكمك الذبحيقارن سيف بين أساليب التعذيب في سجن النظام وسجن تنظيم "الدولة الإسلامية"، فيقول إن أساليب هذا الأخير تتفوق على أساليب محققي الأسد.ويروي حكاية اعتقاله فيقول إنه كان يساعد والده -الذي كان يعمل مهندس كيمياء في أحد معامل الإسمنت بحلب- في تصنيع العبوات الناسفة والألغام الموجهة وصواريخ "راجمة 107"، حتى وصل إلى أن يجهز مع والده وزملاءه معملا لإنتاج هذا النوع من الصواريخ وقذائف الهاون في منطقة باب الهوى الحدودية بتمويل من "كتائب أحفاد الرسول".ويواصل أنه "عندما بدأنا بالإنتاج الحقيقي للصواريخ والقذائف، طوق المعمل أكثر من ستمائة عنصر من تنظيم الدولة مدججين بالسلاح، فقتلوا اثنين من الحراس وأصبت بشظية في رأسي، بعدها سيطروا على المعمل ونقلوا محتوياته إلى مقراتهم في بلدتي الدانة وسرمين بريف إدلب، وهم يرددون "الآن انتهت الثورة".وأشار إلى أن المسلحين دخلوا إلى الغرف وأحرقوا ملابسهم، "وكان يوجد في الغرفة ثلاثة مصاحف أحرقوها، وقاموا بنقلي لأحد المشافي بأطمة، حيث أخرج الطبيب الشظية من رأسي وبنادقهم مصوبة على الطبيب وأنا مكبل الأيدي في السرير".ويقول إن عناصر تنظيم الدولة نقلوه "إلى مخفر ومحكمة أطمة، حيث وضع أحد التونسيين السكين على رقبتي وهددني بالذبح. ثم أدخلوني للسجن دون ماء وطعام. وفي اليوم التالي قاموا بنقلي إلى مخفر الدانة، وأنا مكبل الأيدي ومعصوب العينين لمدة يوم كامل، وبعدها عرضوني على القاضي التونسي أبو البراء المدني، الذي قال لي: أنت من أحفاد إبليس وإعلامي تابع للجيش الحر، مرتد، كافر، حكمك القتل ذبحا".ويلفت سيف في روايته إلى إن أحد عناصر "تنظيم الدولة" وهو سعودي الجنسية قام بمساعدته في الوضوء والصلاة، لكن عندما عرف زملاؤه قاموا بالصراخ عليه حتى أنهم سجنوه.ويختم الناشط بالقول إنهم بقوا أكثر من ثلاثة أيام دون ماء ولا طعام ولا حراس بعد هجوم المعارضة المسلحة على المنطقة، ولا أحد يعلم أن هذا المكان سجن، وبعدها قام عناصر المعارضة المسلحة بهدم الجدران والأبواب وأطلقوا سراح السجناء، ونقلوهم لمكان آمن وقاموا بتوصيل كل سجين إلى أهله.