^ التصريح الذي أدلى به سفير البحرين لدى المملكة العربية السعودية الشقيقة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة لصحيفة الرياض الأسبوع الماضي وأكد فيه أن “الحوار ضرورة مجتمعية لا تتوقف ولا تنقطع وأن بعض الأطراف تتنكر له لأنه لا يخدم أهدافها في إقصاء الآخرين وتهميشهم.. وأننا جميعنا شركاء في وطن لا يقبل القسمة أو التجزئة”، تصريح في غاية الأهمية كونه اختصر أسباب تعطل الدخول في الحوار الذي يتفق القاصي والداني على أنه الطريق الأساس للخروج من هذه الأزمة التي تعيشها البلاد منذ تخلخل العقل لدى البعض الذي هو اليوم في موقع المتهم بعد انتشار الأخبار عن تنظيمات سرية مدعومة من جهات خارجية ليست كلها قريبة جغرافياً. القول “إن الحوار ضرورة مجتمعية لا تتوقف ولا تنقطع”؛ قول واضح ومتيسر لكل ذي بصيرة، فالحوار ضرورة، ولأنه كذلك لذلك فإنه لا مفر من الولوج فيه طالما أن الغاية مما يحدث من أمور هو الارتقاء بالبحرين وتحسين حياة المواطنين. كذلك فإن القول إن هذه الضرورة (الحوار) لا تتوقف ولا تنقطع تعني لكل ذي عقل أن الحوار الذي هو وسيلة مهمة لحل الأمور المختلف عليها ليس محصوراً في فترة بعينها ولكنه لا يتوقف ولا ينقطع، وهو ما يعني أن ما قد لا يتم التوافق عليه في هذه الفترة سيتم بحثه وسيناقش وتتخذ بشأنه القرارات التي يتم التوافق عليها لاحقاً وأن طاولة الحوار تظل منصوبة لأنه ببساطة لا يمكن حل كل القضايا والمشاكل في لقاء واحد وإن استمر أياماً أو أسابيع، فباب الحوار واللقاء يظل باستمرار مفتوحاً وهو نهج الحاكم في البحرين منذ القدم، ولعل ما يتم الاتفاق عليه اليوم ويراه البعض يخدم الوطن والمواطن قد يتبين له بعد حين أنه دون ذلك أو أنه مسيء للوطن وللمواطن. ما يفهم من تصريح السفير هو أن الحكومة مقبلة على الحوار وأن أبوابها مفتوحة وأنها تريد بالفعل وضع نقطة على السطر والانتقال معاً إلى مرحلة جديدة يسودها الحب والوئام والخير، كما يفهم منه أن الحوار غير محدد بفترة وأنه مستمر وأن ما قد لا يتم التوافق بشأنه اليوم سيستمر البحث فيه، وهو يعني في النهاية أن عدم الوصول إلى اتفاقات سريعة على أمور معينة لا يعني أن الباب أغلق، وهو يعني أيضاً أن الحكومة تتوقع أنها تتعامل مع أناس لهم علاقة بالشأن السياسي حيث السياسي يعرف أنه لا يمكنه كسب كل شيء مثلما أن الآخر لا يمكنه القبول بخسارة كل شيء وأن ما قد لا يكسبه اليوم قد يكسبه غداً أو يكسبه على مراحل. لكن السفير حمود لم يغفل عن نقطة مهمة يرى كثيرون أنها وراء “عصلقة الجماعة” وتهربهم من الحوار الذي يدعون إليه أمام كاميرات الإعلام، حيث نبه إلى أن البعض يتنكر للحوار لأنه لا يخدم أهدافه والتي أساسها إقصاء الآخرين وتهميشهم، لأنه ببساطة لو كان الحوار يخدم أهداف ذلك البعض لما “عصلق” ولأقبل عليه إقبال المتعطش له. هذا يعني أن الغايات المعلن عنها يقابلها غايات خفية يقدر أصحابها أن الحوار بهذا الشكل أو في هذه المرحلة لا يحقق تلك الغايات وبالتالي ينبغي إعاقته وتوجيه مختلف الاتهامات إليه. وهو يعني كذلك أن قرار دخول الحوار ليس في يد هذه الجمعيات والتنظيمات التي تقود الشباب وتحرك الشارع ولكنه في يد قوى كبرى قد تكون هذه الدولة أو تلك أو كلها مجتمعة فهي التي تقرر الدخول أو عدم الدخول في الحوار وهي التي تحدد وقته وتضع شروطه وهي التي تعطي “الجماعة” الضوء الأخضر لبدئه!