^ لدينا في البحرين حزمة من القوانين التي وضعت لتنظيم الحياة العامة، ومن ضمن هذه القوانين قانون العقوبات البحريني الذي يتكون من 416 مادة ألمت بجميع جوانب الحالات التي تستوجب إيقاع العقوبة القانونية بحق مرتكبيها. هذا القانون مرره مجلس النواب البحريني وفيه يحدد كافة العقوبات المرتبطة بمختلف الجرائم، ابتداء من عقوبة التآمر على الدولة والسعي للانقلاب على نظامها انتهاء بعقوبة من يعذب حيواناً أليفاً ويقتله والتي توجب إيقاع عقوبة الحبس ثلاثة أشهر عليه. قراءة في مواد القانون ستكشف لدينا حجم التعطيل في تنفيذ العقوبات المنصوص عليها إزاء الحالات المعنية، وهنا السؤال يوجه للقضاء الذي أبداً لا نشكك في نزاهته، لكننا نستغرب طول فترة المحاكمة خاصة في بعض القضايا التي تبدو واضحة التفاصيل والمعالم. لسنا في صدد سرد بعض المواد بنصها هنا، خاصة المعنية بالتآمر على قلب نظام الحكم، أو استهداف الآخرين، أو إتلاف الممتلكات العامة، إذ مجرد سردها يحتاج إلى مساحة واسعة، لذا ننصح المواطنين البحرينيين بقراءة القانون والمرور على كل مواده، إذ إلى جانب ضرورة إلمام المواطن بهذه القوانين من باب معرفته بحقوقه وواجباته في دولته، فإن الأهمية تكمن اليوم في معرفة ما يتعطل من قوانين، بالتالي ما يفترض أن تُخاطب به الأجهزة المعنية. القصد هنا، أن كل مواطن لديه الحق في مخاطبة الدولة، في تقديم مطالباته العادلة إن رأى هناك إخلالاً في حقوقه، شريطة ألا يكون هو في الأساس مخلاً بواجباته، إذ من غير المقبول أو المعقول أن يخرج من يخرب البلد ويحرق مرافقها العامة ويستهدف أمن شرطتها وأمن المواطنين والمقيمين فيها ويتطاول بالشتم على رموز الدولة ويدعو لكراهية النظام والانقلاب عليه، ثم يقول إن الدولة ملزمة بتلبية مطالباته. هذه المعادلة لو تحصل في دول أخرى فإن الفيصل في المسألة هو القانون ومواده المثبتة ولا شيء غيره. بل هناك لا حقوق تمنح لمن يصنف في خانة المجرمين أو الممارسين للإرهاب. طبعاً هذه مسألة غائبة عن التطبيق تماماً لدينا. اقرؤوا في القانون عن عقوبات التآمر لقلب نظام الحكم، على سبيل المثال المادة 148 تقول نصاً: “يعاقب بالسجن المؤبد كل من حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها «الأميري» أو شكل الحكومة أو الاستيلاء على الحكم. فإذا وقعت الجريمة نتيجة سعي أو تخابر مع دولة أجنبية مع أحد ممن يعملون لمصلحتها وقعت من عصابة مسلحة، فيعاقب بالإعدام من سعى أو تخابر أو ألف العصابة وكذلك من تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما”. إضافة لوجود عديد من المواد المرتبطة بهذا الشأن تحدد أنواع العقوبات بحسب نوع الجرم. حتى في شأن إتلاف الممتلكات العامة واحتلال المباني هناك مواد تبين نوع الجريمة وعقوبتها. على سبيل المثال المادة 155 تقول نصاً: “يعاقب بالحبس من أتلف عمداً مبان أو أملاكاً عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو إحدى الجهات التي ورد ذكرها في الفقرات الأولى والخامسة والسادسة من المادة 107 (ارجعوا للقانون) وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو أعمال ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليها جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر. وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المؤقت إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى. وإذا نجم عن الجريمة موت شخص كانت العقوبة السجن في الحالة الأولى والسجن المؤبد في الحالة الثانية والإعدام في الحالة الثالثة. ويسري حكم هذه المادة على هدم أو إتلاف المنشآت والوحدات الصحية المتنقلة أو المواد أو الأدوات الموجودة فيها أو تعطيل شيء منها أو جعله غير صالح للاستعمال. ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الشيء الذي أتلفه”. القانون لم يغفل أيضاً جانب التحريض، فالمادة 159 تقول: “يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو فرعاً لإحداها إذا كانت ترمي إلى قلب أو تغيير النظام الأساسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة أو إلى تحبيذ ذلك أو الترويج له، متى كان استعمال القوة أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظة فيه. ويعاقب بذات العقوبة الداعين للانضمام للهيئات المذكورة. ويعاقب بالسجن من انضم إلى جمعية أو غيرها مما نص عليه في الفقرة السابقة أو اشترك فيها بأية صورة”. المادة 160 تقول في ذات السياق: “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات من روج أو حبذ بأية طريقة قلب أو تغيير النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة بالقوة أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة”. عموماً لسنا بصدد إيراد كثير من المواد التي تتحدث عن جنح أو جنايات وعقوباتها هنا، بل القصد مما نقوله التذكير بوجود هذا القانون وبوجود عديد من المواد التي تنطبق على الوضع الذي تعيشه البحرين اليوم. فقط المواد الأربعة التي أوردناها أعلاه تجعلنا نسأل الأجهزة المعنية عن الأسباب التي تعطل إقرار العقوبات المنصوص عليها في القانون على الحالات التي حصلت في القضايا المنظورة والتي تتكرر هذه الأيام على الأرض. اليوم المخلصون في هذا البلد لا يطالبون بشيء خارق للعادة، هم فقط يطالبون بتطبيق القانون المنصوص عليه في التشريعات البحرينية، إحقاقاً للحق والعدالة، إذ لا يعقل أن تمارس الجرائم بحرية وبشكل يومي دون رادع بحسب القانون. ^ اتجاه معاكس.. للمعلومية فقط، قانون العقوبات سعت الوفاق من خلال وجودها في البرلمان لتغيير بعض مواده وحذف بعض آخر بما يخدم عملها السياسي كتخفيف عقوبات التخابر أو التآمر على قلب نظام الحكم أو استهداف رموز الدولة، وهذا موضوع تطرقنا له سابقاً حينما تقدموا بمقترحاتهم، ويمكن الحديث فيه مجدداً لبيان كيف حاولت الوفاق التمهيد لما حصل في البحرين بطريقة مسبقة عبر وضع قوانين مخففة أحكامها تخدمها في حال فشلت أي محاولة انقلابية يخطط لها. لكن هذا حديث آخر.
لتنشيط ذاكرتكم.. ليس إلا
١٥ أبريل ٢٠١٢