مونترو - (وكالات): اتسم اللقاء الأول بمؤتمر «جنيف 2» للسلام في مونترو السويسرية بين مسؤولي نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة بالخارج والدول المؤيدة لها، من أجل وقف دورة العنف في سوريا، بحرب كلامية خصوصاً بشأن مصير الأسد الذي يرفض وفده أن يكون الأمر مطروحاً للنقاش. وشهد المؤتمر بداية صعبة في أجواء متوترة شهدت تبادل التهم بـ «الخيانة» وتلاسناً بين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. ومثل رحيل الأسد عن السلطة، نقطة الخلاف الرئيسة، وسط دعوات للإسراع بإيجاد حلول للأزمة الدامية التي تعصف بالبلاد منذ قرابة الثلاث سنوات، بينما توالت الدعوات من مختلف الأطراف المشاركة في المؤتمر إلى تبني حل سياسي للأزمة ومساعدة أطراف النزاع على التوصل لاتفاق يفضي لانتقال سلمي للسلطة، وذكّر عدد من المشاركين بالمآسي التي يمر بها الشعب السوري وأطلقوا دعوات لفتح ممرات لإيصال المساعدات لملايين المحاصرين داخل سوريا. وقد وجهت القوى الكبرى دعوة للنظام والمعارضة إلى اقتناص «الفرصة التاريخية» التي يشكلها المؤتمر لإنهاء النزاع في بلادهم المستمر منذ 3 سنوات.وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في خطابه الافتتاحي أمام ممثلي 40 دولة ومنظمة بينها وفدا النظام والمعارضة «بعد نحو 3 سنوات طويلة من النزاع والمعاناة في سوريا، اليوم هو يوم أمل».وأضاف «إننا نواجه تحديات استثنائية» داعياً المشاركين السوريين تحديداً إلى «انطلاقة جديدة». وقال إن على القوى الدولية «أن تبذل كل ما في وسعها لمساعدتهم على تحقيق هذه الأهداف». وتابع «كم من القتلى سيسقطون في سوريا بعد، إذا أهدرت هذه الفرصة؟».ودعا بان كي مون السوريين إلى إجراء مفاوضات من أجل التوصل إلى "نهاية فورية” للنزاع، معتبراً "أنه شهد حتى الآن الكثير من الفظاعات” و”الآلام”، مضيفاً "طفح الكيل وحان الوقت للتفاوض”.وقد عبر وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف اللذان عملا من أجل انعقاد هذا المؤتمر عن مواقف مختلفة حيال تشكيل حكومة انتقالية لسوريا. وقال كيري إن «بشار الأسد لن يكون جزءاً من أي حكومة انتقالية. من غير الوارد ومن المستحيل تصور أن يستعيد الرجل الذي قاد الرد الوحشي على شعبه الشرعية ليحكم».في المقابل، حذر لافروف من «محاولات تفسير الوثيقة بشكل أو بآخر» في إشارة إلى الدعوة لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا عبر الاتفاق الذي توصلت إليه القوى الكبرى عام 2012 في ختام مؤتمر جنيف 1.وأكد لافروف أن تسوية النزاع الجاري في سوريا «لن تكون سهلة ولا سريعة» مؤكداً على «المسؤولية التاريخية» التي يتحملها أطراف النزاع.وفي موقف تحد، وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم في كلمته ممثلي المعارضة السورية الجالسين قبالته بـ «الخونة» و»العملاء لأعداء» سوريا.وانتقدت الولايات المتحدة بشدة «الخطاب التصعيدي» لوفد النظام السوري خلال افتتاح المؤتمر.وأضاف المعلم أن من يرد «التحدث باسم الشعب السوري لا يجب أن يكون خائناً للشعب وعميلاً لأعدائه».وقال المعلم متوجهاً إلى المعارضة السورية المشاركة في المؤتمر «ماذا فعلتم يا من تدعون أنكم تتحدثون باسم الشعب السوري؟ أين أفكاركم وبرنامجكم عدا المجموعات الإرهابية المسلحة؟» مضيفاً «أنا على يقين أنكم لا تملكون أي شيء وهذا جلي للقاصي والداني».وتابع المعلم «من يرد أن يتحدث باسم الشعب فليتفضل إلى سوريا، من يرد أن يتحدث باسم الشعب السوري فليصمد 3 سنوات تحت الإرهاب ويقاوم ويقف ثابتاً في وجهه، ثم فليتفضل إلى هنا ليتحدث باسم الشعب».وتوجه لوزير الخارجية الأمريكي بالقول «لا أحد في العالم، سيد كيري، له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سوريا إلا السوريين أنفسهم». وفي معرض دفاع المعلم الطويل عن سياسة النظام، تدخل الأمين العام للأمم المتحدة ليقاطعه باعتبار أنه تجاوز بكثير الوقت المخصص له. ورد المعلم بأنه يريد التعبير عن موقف بلاده وواصل كلمته.في المقابل، دعا رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا في كلمته الوفد الحكومي السوري إلى توقيع وثيقة «جنيف « من أجل «نقل صلاحيات» الرئيس بشار الأسد إلى حكومة انتقالية. وقال الجربا «إننا نوافق بشكل كامل على مقررات جنيف 1، ونريد أن نتأكد إن كان لدينا شريك سوري في هذه القاعة مستعد أن يتحول من وفد بشار إلى وفد سوري وطني مثلنا». وأضاف «إنني أدعوه إلى التوقيع الفوري على وثيقة جنيف 1 بحضوركم جميعاً الآن، لنقم بنقل صلاحيات الأسد كاملة، بما فيها الصلاحيات التنفيذية والأمن والجيش والمخابرات إلى هيئة الحكم الانتقالية التي ستضع اللبنة الأولى في بناء سورية الجديدة». ثم سأل «سؤالي واضح ومباشر: هل لدينا هذا الشريك؟». وشن الجربا هجوماً قاسياً على نظام الأسد، واتهمه بدعم تنظيم القاعدة و»داعش» من خلال ضرب مقار المدنيين والجيش الحر، وكذلك إدخال «المرتزقة» من «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني. وتنص وثيقة جنيف 1 التي تم الاتفاق عليها في يونيو 2012 في غياب أي تمثيل سوري، على تشكيل حكومة انتقالية من ممثلين للنظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. وبعد مونترو، ينتقل الوفدان السوريان إلى مدينة جنيف حيث يبدآن في حضور المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، مفاوضات بينهما حول سبل حل الأزمة في بلادهما. ومن المرتقب أن يشكل ذلك بداية عملية طويلة تستمر من 10 أيام في مرحلة أولى بحسب ما نقلت وكالة إنترفاكس عن عضو في الوفد الروسي. وفي كلمات أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن هدف المؤتمر «البحث عن حل سياسي لسوريا يتعلق بهذه السلطة الانتقالية التي تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية» مضيفاً «لا يتعلق الأمر بإجراء نقاش عام حول سوريا، ولا بإطلاق تهجمات وشعارات دعائية ولا كسب الوقت ولا إلقاء الخطب عبر تكرار كلمة الإرهاب».وأكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي على هامش المؤتمر أن الأسد «لن يرحل». من جهته، اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أنه لا يتوجب توقع حدوث «معجزة» في المؤتمر حول سوريا، لكنه أضاف «تحقق تقدم صغير» مع جلوس الأطراف السورية المعنية «على الطاولة نفسها». وحذر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من «تغيير مسار» مؤتمر جنيف 2، داعياً إلى وضع هدفه القاضي بالعمل على تشكيل حكومة انتقالية موضع التنفيذ. وقال الفيصل «من الضروري أن نحذر من أي محاولات لتغيير مسار هذا المؤتمر في محاولة لتحسين صورة النظام والادعاء بمحاربته للإرهاب». وأضاف أن «حضور المملكة المؤتمر جاء بناء على الضمانات والتأكيدات التي تضمنتها دعوة الأمم المتحدة، وهو أن الهدف من جنيف 2 تطبيق اتفاق جنيف 1». وتابع «من البديهي ألا يكون لبشار الأسد أو من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور بهذا الترتيب». وطرح الفيصل نقاطاً قال إنها ستكون معبراً نحو انفراج الأزمة، ودعا إلى انسحاب فوري لكافة القوات الأجنبية من سوريا ومنها عناصر حزب الله، وفك الحصار عن المدن والقرى ووقف القصف الجوي عليها، وفتح ممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين. وقال الفيصل إن «الأمل يحدونا بأن يتم التعامل مع الأزمة بعيداً عن محاولات الاستقطاب والاسترضاء التي كبلت مجلس الأمن» في الملف السوري. ودعا إلى أن يتبنى مجلس الأمن «ما يتم التوصل إليه من اتفاق» في المؤتمر «وضمان تنفيذه». من جهته، حذر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من أن فشل المؤتمر سيتسبب في فقدان الآلاف من السوريين لحياتهم، وحث على تبني جدول زمني لانتقال السلطة ووقف إطلاق النار وفتح المجال لوصول المساعدات الإنسانية، وتوجه لوفدي المعارضة والنظام السوريين قائلاً «هذه فرصتكما لإنهاء ما يتعرض إليه بلدكما من دمار». واعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن ما يحدث في سوريا من عنف «عار على جبين البشرية»، وقال إن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يشيح ببصره عن ما يحدث من فظائع، وقال إن الملايين هناك محرومون من الاحتياجات الأساسية، وأكد أن بلاده ستواصل تبني سياسة الأبواب المفتوحة مع السوريين. وقالت منسقة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن ما يحدث في سوريا لم يحدث في التاريخ، ودعت إلى الاتفاق على مرحلة انتقالية وإنهاء العنف. واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن انطلاق أعمال المؤتمر «لحظة مفصلية» نحو حل تفاوضي للأزمة السورية. من جهته، أعلن مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن النظام سيذهب إلى مفاوضات جنيف مع المعارضة بهدف تطبيق اتفاق جنيف1 "كسلة كاملة”، لا فقط شق تشكيل الحكومة الانتقالية.