رغم البداية المتعثرة صباح الجمعة اعلن موفد الامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا الاخضر الابراهيمي مساء اليوم تمكنه من اقناع الطرفين بالاجتماع في غرفة واحدة السبت، ما بدد اجواء التشاؤم التي كانت سائدة خصوصا بعد تلويح الوفد الرسمي السوري بالانسحاب.وقال الابراهيمي في مؤتمر صحافي عقده في مقر الامم المتحدة في جنيف، "اجتمعت مع وفدي المعارضة والحكومة بشكل منفصل امس واليوم. ونتوقع، بحسب ما اتفقنا عليه، الاجتماع غدا في قاعة واحدة".وكان يفترض ان تبدأ المفاوضات الجمعة باجتماع صباحي في غرفة واحدة لا يتبادل خلاله الوفدان الكلام، بل يستمعان الى كلمة الابراهيمي، على ان ينفصلا بعد ذلك، ويجلس كل منهما في غرفة، ويتنقل الابراهيمي بينهما.الا ان الامم المتحدة اعلنت قبل ساعة من موعد الاجتماع تغيير البرنامج. واجتمع الموفد الخاص مع كل من الوفدين على حدة.واستبعد الابراهيمي ردا على سؤال احتمال مغادرة الوفدين سويسرا ووقف المفاوضات.وقال "استبعد اي احتمال لذلك. الطرفان سيكونان هنا غدا، وسيجتمعان. لا احد سيغادر السبت ولا الاحد".وتابع "نأمل في ان يكون ذلك بداية جيدة، وان نتابع حتى نهاية الاسبوع المقبل".واعتبر ان المفاوضات حتى الآن "مشجعة"، مضيفا "لم ندخل صلب الموضوع بعد. نأمل في ان يقوم الطرفان بتنازلات تصب في صالح العملية".وقالت المعارضة انها لن تجلس في قاعة واحدة مع النظام اذا لم يعترف ببيان جنيف-1 الذي ينص على تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة من ممثلين عن النظام والمعارضة تتولى المرحلة الانتقالية.وقال عضو وفد المعارضة نذير حكيم صباح الجمعة لفرانس برس "نحن متفقون على التفاوض حول تطبيق جنيف-1، والنظام لم يوافق على هذا الامر. لا نريد ان نجلس معهم في غرفة واحدة حتى يوافقوا على ذلك".واضاف "الدعوة التي وجهها الينا الامين العام للامم المتحدة تلحظ القرار 2118 الذي يتبنى بيان جنيف-1. لكن النظام يرفض ان يقر بذلك. عندما تصبح المفاوضات ذات اجندة واضحة نجلس في غرفة واحدة".وابلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم الابراهيمي انه "قد يضطر الى مغادرة جنيف" اذا لم تتسم المفاوضات بالجدية غدا، معتبرا ان "الطرف الآخر غير جاهز".وردا على هذا التصريح قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال "اذا انسحبوا، سيتحملون مسؤولية فشل" المفاوضات.وسرت شائعات في اروقة قصر الامم عن مغادرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا سويسرا، قبل ان ينفيها الائتلاف ويتهم النظام بالترويج لها.وقال الابراهيمي ان "لا شروط مسبقة" في المفاوضات، "المفروض ان جنيف-1 هو الاساس، ونحن نسير على هذا الاساس".وكان وفد النظام ندد ب"الشروط المسبقة" التي يفرضها وفد المعارضة الذي اعتبر من جانبه ان القبول بجنيف-1 ليس شرطا، بل هو منطلق المفاوضات.وقال الابراهيمي "لا احد يختلف على جنيف-1، وان كانت هناك بعض الملاحظات حول تاويل بعض بنوده. من جملة الاشياء التي قد ننجح بالقيام بها هي ازالة هذا اللبس".ولم يأت مؤتمر جنيف-1 الذي انعقد في حزيران/يونيو 2012 في غياب اي تمثيل سوري على ذكر مصير الرئيس السوري بشار الاسد الذي تطالب المعارضة باسقاطه وترفض اي دور له في مستقبل سوريا.وتعتبر المعارضة ان تشكيل "حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات" يفترض نقل صلاحيات الرئيس اليها، بينما يرفض النظام مجرد طرح هذا الموضوع، مكررا ان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع.ويقول مسؤولو النظام ان المعارضة التي يفترض ان تشارك في "حكومة وحدة وطنية" هي "المعارضة الوطنية" المقبولة من النظام والموجودة داخل سوريا.وقال الابراهيمي "كنا نعلم ان الامر سيكون صعبا ومعقدا"، مضيفا "لم نتوقع بتاتا ان يكون الامر سهلا. اعتقد ان الطرفين مدركان للامور التي هي على المحك".ولم يأت اي عضو في الوفد الحكومي السوري الجمعة على ذكر الحكومة الانتقالية.فقد اعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان "المشكلة ان هؤلاء الناس (يقصد المعارضين) لا يرغبون في عقد السلام. يأتون الى هنا مع شروط مسبقة لا تتوافق في اي شكل مع جنيف-1، وتتعارض مع رغبات الشعب السوري وحتى مع خطط الاخضر الابراهيمي".واضاف "كان الاقتراح ان نأتي الى هنا اليوم، ويجلس وفد الحكومة السورية الى يمين الطاولة، والمعارضة على الطرف الآخر. يبدو ان المعارضة لم تقبل هذه الصيغة".وتابع "بالطبع نحن مستعدون للجلوس في الغرفة نفسها، والا لم أتينا الى هنا؟".وشددت المستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري بشار الاسد بثينة شعبان، على ان الوفد الرسمي لم يأت الى جنيف "للتحدث عن السلطة".وقالت "نحن لسنا هنا للتحدث عن السلطة، نحن هنا لنتحدث عن وقف الارهاب ووقف سفك دماء الشعب السوري وبدء مسار سياسي يقرره الشعب السوري دون اي تدخل اجنبي".ويشكل مصير الرئيس بشار الاسد نقطة الخلاف الاساسية بين طرفي النزاع. ففي حين تطالب المعارضة بان لا يكون للاسد واركان نظامه اي دور في المرحلة الانتقالية، ترفض دمشق قطعا هذا الشرط، معتبرة ان الاسد والنظام "خطان احمران".وشدد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي الجمعة على ان "الرئيس بشار الاسد سيكمل ولايته وفقا للدستور السوري الذي يسمح له بالترشح مجددا" الى الانتخابات التي من المقرر ان تجري منتصف العام 2014.واضاف "هذه مسألة منتهية والانتخابات القادمة يمكن ان يكون هناك مرشحون آخرون وفقا للتعديلات الدستورية الموجودة"، و"ستكون شفافة وديموقراطية".ويجمع الاطراف والمحللون على صعوبة المفاوضات ويعلقون آمالا ضئيلة على تحقيق نجاحات سريعة.وكان دبلوماسي غربي توقع الجمعة ان تستمر الجولة الاولى من المفاوضات "حتى نهاية الاسبوع"، مستدركا "لكنها قد تنهار اعتبارا من اليوم".ويترأس وفد النظام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ووفد المعارضة رئيس الائتلاف احمد الجربا.واوقع النزاع السوري منذ منتصف آذار/مارس اكثر من 130 الف قتيل، وتسبب بتهجير حوالى ثلاثة ملايين سوري الى الدول المجاورة ونزوح الملايين غيرهم داخل البلاد.