وسط أجواء احتفالية، انطلقت صباح الاثنين، جلسة عامة استثنائية للمجلس الوطني التأسيسي، خصصت لتوقيع الدستور التونسي الجديد من قبل الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية، رئيس المجلس التأسيسي ورئيس الحكومة، وقد تم التصويت على الدستور ليلة الأحد إلى الاثنين بأغلبية ساحقة.وأثناء كلمته الافتتاحية، أكد مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي أن "تونس تعيش اليوم حدثاً تاريخياً، وأن الدستور الجديد يعبر عن خصوصية المجتمع التونسي، كما أنه يؤسس للفصل بين السلطات، بما يجنب تونس عودة كل أشكال الاستبداد".وأضاف بن جعفر أن "ما تحقق هو احترام لتونس ولخيارات شعبها الواعي الذي اختار التأسيس لدولة الحقوق والمؤسسات، وهو أيضاً تتويج للشعب الذي قام بثورة وضحى وصبر، وحرص على أن تبقى ثورته سلمية رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد".وأشاد بن جعفر بحكومة القايد باجي السبسي التي أدارت المرحلة الأولى، كما توجه بالشكر للحكومات التي تولت المهمة بعد ثورة 14 يناير 2011".وقال رئيس المجلس التأسيسي إن تونس على طريق التأسيس لدولة ديمقراطية وجمهورية ثانية بعد انتخابات حرة ونزيهة جرت في 23 أكتوبر 2011، بعد مسار صعب مرت به البلاد ولا تزال، من أجل القطع مع الاستبداد ودولة الحزب الواحد والرجل الواحد.يذكر أن الأيام الأخيرة عرفت حركة سياسية غير مسبوقة في تونس، تمثلت في انتخاب هيئة مستقلة للانتخابات، وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لضمان انتخابات حرة وشفافة، وختمت اليوم بالتصويت على دستور يؤسس لدولة مدنية ويضمن كل الحقوق.ومن جهته، أشار الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، إلى أن تونس تحتفل الاثنين بالانتصار على الاستبداد، وبالوفاء للثورة، وهو أيضاً انتصار على الإرهاب، وثقافة الاغتيالات السياسية.وأوضح المرزوقي أن التوقيع على الدستور هو انتصار لتونس حكومة ومعارضة، للعلمانيين والإسلاميين ولكل التيارات، بل إنه عقد اجتماعي وسياسي وأخلاقي لكل التونسيين، عبر عن براعة التونسيين في الوفاق والوصول للحلول الوسطى.وأثناء كلمته، قال رئيس الحكومة المستقيل، علي العريض، إن ما تحقق هو حلم تحول إلى حقيقة بإرادة كل التونسيين، وجاء ليعبر عن توافق جنب البلاد مخاطر التقاتل. كما دعا إلى مواصلة تغليب منطق الوفاق لإدارة المرحلة القادمة.وفي تصريح لـ"العربية.نت"، قال الإعلامي والمحلل السياسي، عادل الشاوش، إن "إنجاز الدستور حصل في إطار من الوفاق والتعايش بين العلمانيين والإسلاميين. كما أنها تعبر عن عمق ثقافة الحداثة التونسية، وهي الثقافة التي استطاعت أن تستوعب أنصار احياء التراث، ودفعت دعاته للاندماج الإيجابي في الحراك الاجتماعي والسياسي، بعيداً عن خيار العنف والإرهاب".وأضاف الشاوش أن تونس تؤسس لأنموذج ديمقراطي في العالم العربي، بعد أن كانت سباقة في الثورة على الاستبداد، وبالتالي فإن كل التونسيين هم مطالبون بحماية هذه التجربة، من التراجعات ومن أعدائها في الداخل والخارج، ومن يغيضهم أن تتحول تونس إلى "أنموذج" ديمقراطي.