تفاقمت أزمة العملات في الأسواق الناشئة مع تدافع أعداد أكبر من المستثمرين نحو التخلص من عملاتهم أملاً بتجنب الهبوط المستمر فيها، خاصة في تركيا والأرجنتين، فيما سجلت الليرة التركية مستوى قياسياً متدنياً من جديد مع فشل الحكومة في كبح جماح تدهور العملة.ويعيد الاضطراب الذي تشهده أسواق العملات العالمية الحديث مجدداً عن حرب العملات، خاصة مع تدخل الحكومات في أسواق الصرف من أجل الحد من الخسائر، وذلك رداً على تدخل الفدرالي الأميركي في السوق لانعاش اقتصاد الولايات المتحدة، وهو التدخل الذي تسبب سابقاً ويتسبب حالياً باضطراب في أسواق العملات.لكن جريدة "فايننشال تايمز" قالت إن التدهور الذي تفاقم خلال تداولات الاثنين يعود إلى عاملين، الأول هو "تنامي القلق لدى المستثمرين بشأن النمو الاقتصادي في الصين والمخاوف من أن يتباطأ اقتصادها، إضافة إلى بدء الفدرالي الأميركي تقليص برنامجه للتحفيز الكمي".وبحسب تحليل الصحيفة فإن الارتفاعات التي شهدتها أسواق الدول الناشئة خلال السنوات الماضية كانت بفضل برنامج شراء الأصول الذي كان الفدرالي الأميركي يضخ بموجبه 85 مليار دولار شهرياً.وقال كبير الاستراتيجيين في "رابو بنك" كريستيان لورانس: "الآن لا يمكنك وقف هذا الهراء.. الجميع يتدافع لبيع عملات الأسواق الناشئة الآن ولا يمكن وقف ذلك".وواصلت الليرة التركية رحلة هبوطها الحاد حيث فقدت 2.3% من قيمتها خلال تداولات الاثنين، قبل أن تعاود التعافي قليلاً وتسجل تراجعاً بنسبة 1.2% فقط أمام الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن كان البنك المركزي التركي قد فشل الأسبوع الماضي في وقف تدهور الليرة عندما تدخل وضخ ما بين ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار في السوق لشراء عملته من الأسواق، ولكن دون جدوى.وتواجه البرازيل أيضاً أزمة هبوط حاد في عملتها، وهو الهبوط الذي حاولت الحكومة التدخل لوقفه إلا أنها فشلت في ذلك.وتعتبر البرازيل صاحبة أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، إلا أنها تعاني أكبر عجز منذ عشرة سنوات في حسابها الجاري، كما أن اقتصادها سجل نسبة نمو متدنية في الآونة الأخيرة، وهو ما زاد من المخاوف بشأن عملتها ومستقبل اقتصادها.ومن بين 24 عملة مختلفة تعود لاقتصادات ناشئة وتقوم وكالة "بلومبرغ" بمراقبتها، فإن ثلاث عملات فقط ظلت متماسكة أمام الدولار الأميركي، فيما تسجل 21 عملة خسائر متفاوتة أمام الدولار الأميركي.وفيما تواجه الأسواق الناشئة متاعب كبيرة، فإن عملات الاقتصادات العربية تظل أفضل حالاً من غيرها، حيث لا يبدو أن الأسواق العربية تأثرت بشكل عميق من الاضطرابات بفضل ارتباط العديد من العملات العربية المهمة بالدولار الأميركي.